ممثل المرجعية العليا في أوروبا:... ليس من الإيمان أن ينتصر المؤمن على النفس في شهر رمضان ثم ينخذل عنها في بقية شهور العام.
    
ممثل المرجعية العليا في أوروبا: 
يهنئ العالم الاسلامي بحلول عيد الفطر المبارك متضرعا الى العلي القدير ان يجعل هذا العيد عيد وئام وألفة ومحبة ما بين المسلمين ويؤكد على الأمور التالية: 
• الاستمرار على ما مارسوه من الطاعات في الشهر الكريم والاستدامة عليها الى ما بعده
• تفقد أوضاع المحتاجين والمهجرين ورعايتهم ولا سيما عوائل الحشد الشعبي والقوات الامنية
• مواساة الأرامل واليتامى وأسرهم لإعادة البسمة على شفاههم ايام العيد المبارك
• الدعاء لنصرة المجاهدين والمدافعين عن حمى الاسلام والمسلمين
• صلة الأرحام، وزيارة الاخوان، والبر بالوالدين والإحسان إليهما

 

افتتح السيد الكشميري حديثه عن العيد بالآية الكريمة: (( قل بفضل الله ورحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون )) وبقوله: 

صمنا و صام المسلمون جميعا بحمد الله هذا العام رغم حرارة الجو و طول الفترة في بعض البلدان و تزامن الصوم مع ارتفاع حرارة الإيمان بأداء الطاعات والعبادات و تلاوة القرآن و قراءة الأدعية و تفطير الصائمين و مساعدة الفقراء و المحتاجين و العطف على الأيتام و التزاور بين المؤمنين و التحلي بأخلاقهم و غيرها من الفعاليات المختلفة التي أشار إليها النبي(ص) في خطبته الشريفة في أول يوم من شهر رمضان 

حقاً أنه كان شهر خير و بركة و رحمة على المسلمين فهو شهر تفتحت فيه أبواب السماء للداعين، شهر أنزل الله فيه القرآن و جعل فيه ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر .شهر علمنا و عودنا على خصال الخير لتكون منهجا و دليلا لنا لبقية أيام السنة كلها. و لكن السؤال الذي يطرح نفسه و نحن على أبواب العيد: هل سنحتفظ بهذا الوهج الروحي و العبادي الذي تعودنا عليه إلى بقية أشهر السنة أو ستصاب أنفسنا بالخمول و الضمور و كأننا لم نكن بالأمس نمارس هذه الاعمال على أشدها؟ 

أيها الأحبة: 
1- ليس من الإيمان أن ينتصر المؤمن على النفس في شهر رمضان ثم ينخذل عنها في بقية شهور العام. 

2- و ليس من الإيمان أن نغض أبصارنا عن الحرام في شهر رمضان ثم نعود إلى ما كنا عليه بعده فنكون من مصاديق قوله تعالى:(( و لا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا)) و لكن من الإيمان أن تصوم جوارحنا عن كل معصية لله في شهر رمضان و بعده حتى نلقى الواحد الديان. 

3- و ليس الإيمان أن نتورع عن المحارم في هذا الشهر و نعود إليها بعده و إنما الإيمان أن يكون الورع مبدأ ثابتا و سلوكا مستمرا طوال العام

4- و ليس من الإيمان أن نبتعد عن حضور المجالس التي تغضب الله إكراما للشهر ثم نرجع إليها و كأن الله عز و جل ليس لنا بالمرصاد في بقية الشهور و الأعوام 

5- و ليس من الإيمان أن نراقب الله في واجباتنا و أعمالنا ما دمنا صائمين فإذا ودعنا شهر الصيام عدنا إلى ما كنا عليه سابقا من المعاصي والذنوب. 

6- وليس من الإيمان ان يكثر التزاور بين المؤمنين في شهر رمضان ثم ينقطع فلا يكاد البعض منهم يرى البعض الاخر الى العام القادم في حين انه ورد في الحديث : (( مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد إذا اشتكى عضو منه تداعى سائره بالحمى والسهر )). 

ايها الاعزة، ان مثل الانسان الذي لم يفقه حقيقة الصوم والعبادة كالناقة التي عقلها اهلها ثم اطلقوها فلا تدري لم عقلت ولم اطلقت، فكذلك البعض من الصائمين لا يدري لم صام ولم افطر فيكون مصداقا للحديث الشريف (كم من صائم ليس له من صيامه الا الجوع والظمأ وكم من قائم ليس له من قيامه الا التعب والعناء ) . 

ايها الاحبة ان شهر رمضان شهر التوبة والغفران وهذا لا يعني ان التوبة مقصورة ومحصورة عليه بل ان بابها مفتحة على مصراعيها في كل اشهر العام وكأن الحي القيوم ينادينا في كل وقت : ((قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)) انه جل وعلا يدعو المسرفين الى التوبة وهو القائل ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحاً)) والتوبة النصوح كما قال بعض العلماء الندم في القلب والاستغفار باللسان والاقلاع عن الذنب. 

اذاً علينا ان لا نفوت الفرصة في هذه الليلة التي هي اخر ليلة من شهر رمضان وبعدها تكون ليلة الجائزة ويومها (العيد) حتى نكسب غفران الله ورضوانه ولا نكون كما قال الله تعالى ((أَن تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَى علَى مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ)). فعلى كل انسان ان يحاسب نفسه قبل خروج الشهر ويتذكر قول النبي صلى الله عليه واله : (( فان الشقي من حرم غفران الله في هذا الشهر العظيم )). هذا ونحن على أبواب العيد، علينا ان نتذكر الام الاخرين وان نتحسس امالهم والامهم وعلينا ان نفكر فيمن حولنا من اقارب وجيران وفقراء وايتام ممن لا يمتلكون شيئا لتكتمل صورة العيد في اذهانهم خصوصا ما نشاهده من وضع المهجرين عن ديارهم واوطانهم وليحاول كل واحد منا ان يتحسس دوائره القريبة الاقرب فالاقرب ليعيش معهم العيد في صورته البهية ويرسم البسمة على شفاههم التي قد لا تعرف طعم الفرح، فهناك المئات من الذين استشهدوا وقتلوا في هذا الشهر فترملت نساؤهم وتيتمت اطفالهم وكم من الاسر ابيدت فلم يبق منهم الا الرجل الطاعن في السن والمرأة المسنة والطفل الرضيع، وكم من الثكالى التي تئن على شهدائها فتلك على اخيها واخرى على زوجها وثالثة على ابيها فهل بعد هذه المآسي يبقى للعيد طعم وهل فكر احد منا ان يزور هؤلاء الارامل ويمسح على رؤوس اليتامى ويواسيهم بما يستطيعه من المواساة ليخفف من الامهم واحزانهم، وهل فكر احد منا بزيارة مقابر المسلمين في ايام العيد ليراها تعج بالبكاء والنياحة، وكم هو جميل نرى بعض المؤمنين في ايام العيد يقصدون زيارة المقابر وقراءة الفاتحة لامواتهم واموات المؤمنين ويزورون دور العجزة والطاعنين في السن ويحملون اليهم من الورود والهدايا ما يبث فيهم روح الامل والبقاء. 

مضافا الى هذا كله فقد اكد الاسلام في هذا اليوم (العيد) على صلة الارحام وزيارة الاخوان، فالحديث يقول (صلوا ارحامكم ولو بالسلام، صلوا ارحامكم ولو بشق تمرة) ((فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ)) وعلينا البر بابائنا وامهاتنا فان لهم حقاعلينا ولنستحضر في هذا المقام دعاء الامام زين العابدين عليه السلام لوالديه (( أللَّهُمَّ اجْعَلْنِي أَهَابُهُمَا هَيْبَةَ السُّلْطَانِ الْعَسُوفِ، وَأَبَرُّهُمَا بِرَّ الأُمِّ الرَّؤُوفِ، وَاجْعَلْ طَاعَتِي لِوَالِدَيَّ وَبِرِّيْ بِهِمَا أَقَرَّ لِعَيْنِي مِنْ رَقْدَةِ الْوَسْنَانِ، وَأَثْلَجَ لِصَدْرِي مِنْ شَرْبَةِ الظَّمْآنِ حَتَّى أوثِرَ عَلَى هَوَايَ هَوَاهُمَا وَأُقَدِّمَ عَلَى رِضَاىَ رِضَاهُمَا وَأَسْتَكْثِرَ بِرَّهُمَا بِي وَإنْ قَلَّ وَأَسْتَقِلَّ بِرِّي بِهِمَا وَإنْ كَثُرَ...)). 

واخيرا ندعو بما جاء في دعاء يوم الثلاثين في شهر رمضان (اللهم اجعل صيامي بالشكر والقبول على ما ترضاه ويرضاه الرسول، محكمة فروعه بالاصول، بحق سيدنا محمد واله الطاهرين، والحمد لله رب العالمين) ودعاء الامام امير المؤمنين: (( اللهم اشرح بالقرآن صدري واستعمل بالقرآن بدني ونور بالقران بصري وأطلق بالقران لساني واعني عليه ما ابقيتني فانه لا حول ولا قوة الا بك )). نسأله عز وجل ان يتقبل منا صيام هذا الشهر وقيامه والاستمرار على اعمال الخير والبر انه ولي التوفيق. 

((رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ))،(( رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ )). 

هذا وكل عام وأنتم بخير.

محرر الموقع : 2015 - 07 - 17