ممثل المرجعية العليا في اوربا: يدعو الى الالتزام بمنهج ائمة اهل البيت (ع) في الحفاظ على وحدة الامة الاسلامية دون اثارة النعرات الطائفية والمذهبية
    
ممثل المرجعية العليا في اوربا: 
·       يدعو الى الالتزام بمنهج ائمة اهل البيت (ع) في الحفاظ على وحدة الامة الاسلامية دون اثارة النعرات الطائفية والمذهبية
·       حث الشعب العراقي بكل اطيافهم ومكوناتهم على الوقوف بحزم الى جانب اخوانهم وابنائهم من القوات الامنية والحشد الشعبي والعشائر في مساندتهم ودعمهم ضد الارهاب والارهابيين والتكفيريين
·       يذكر المؤيدين والمتعاونين مع الارهابيين بالاقوال والافعال، بان هؤلاء ان استحكموا سوف لن يرحموهم ولن يتسامحوا معهم
·       ينبه السياسيين لاهمية فتوى المرجعية التي لولاها لعادوا الى منفاهم قبل السقوط وعليهم ان لا يتباطأوا في تلبية حاجة المواطنين وليطبقوا توجيهات المرجعية الاخيرة والا فلربما يفلت زمام الامور من ايديهم ويكون علاجها بعدئذ صعب مستصعب
·       يشيد بقرار الدكتور العبادي بنزول الوزراء والمسؤولين الى الشارع  

 

جاء هذا في خطبة الجمعة في نوتنكهام في المملكة المتحدة مفتتحا حديثه بالاية الكريمة ((إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ)) قائلا بعد دارسة تاريخ ائمة اهل البيت (ع) وسيرتهم العطرة في معاشرة الناس بدءا من مولى المؤمنين وامام الموحدين الامام علي بن ابي طالب امير المؤمنين (ع) وبقية الائمة الطاهرين (ع) نجدهم حافظوا على وحدة المسلمين اتباعا لمنهج القران العظيم وسيرة النبي الكريم (ص)  ويتضح لنا هذا من خلال بعض النقاط التي نشير اليها: 

1-   اننا نحكم بإسلام أتباع المذاهب الاسلامية الأخرى والذي يترب عليه تطبيق آثار الإسلام عليهم من التزاوج وحرمة دمائهم وحلية ذبائحهم ووجوب رد السلام عليهم ومصافحتهم وزيارتهم وعيادة مرضاهم وتبادل الهدايا معهم الى غير ذلك من الأحكام، وأكثر من ذلك فان الأئمة (ع) يرون أن الله يشملهم برحمته يوم القيامة فيدخلهم الجنة مالم تتلوث ايديهم بدماء الابرياء وظلم الاخرين، فقد ذكر العلامة الطباطبائي في الميزان ج7 ص 392 عن زرارة (قلت له  - أي الإمام الصادق (ع) - : - أصلحك الله أرأيت من صام وصلى واجتنب المحارم وحسن ورعه ممن لا يعرف – أي لا يعتقد بإمامة أهل البيت (ع) – ولا ينصب العداوة لهم) ؟ فقال (ع) إن الله يدخل أولئك الجنة برحمته) وهذا  من أهم ما يؤكد على وجوب الوحدة بين كل المسلمين. 

2-   سكوت الأئمة (ع) عن حقهم من الخلافة حفاظا على الوحدة الإسلامية مع انه حق أصيل لهم، الا اننا نرى في ائمة أهل البيت (ع) حرصا منهم للحفاظ على الوحدة ومصلحة الأمة اثروا السكوت على المطالبة بحقهم وهذا يعني أن من شؤون الإمامة هو الحفاظ على أصالة الوحدة بين المسلمين وان كان على حساب حقهم في الخلافة، كما هو الأمر في سكوت أمير المؤمنين (ع) لمدة خمس وعشرين سنة وقد لخص السبب في سكوته بقوله (لأسالمن ما سلمت أمور المسلمين ما لم يكن فيها  جور إلا علي خاصة). 

  3-   قبول الإمام الحسن (ع) للصلح مع خصمه وعدوه رعاية لمصلحة الأمة وحقن دمائها، وبمثل هذا المعنى نجد مخاطبة الإمام الحسين (ع) لرؤساء الأخماس في العراق كما نقله السيد المقرم في مقتله (أما بعد فان الله اصطفى محمدا (ص) من خلقه وأكرمه بنبوته واختاره لرسالته ثم قبضه إليه وقد نصح وبلغ ما أرسل به وكنا أهله وأولياءه وأوصياءه وورثته وأحق الناس بمقامه في الناس فاستأثر علينا قومنا فرضينا وكرهنا الفرقة وأحببنا العافية ونحن أحق بذلك الحق المستحق ممن تولاه)، فالإمام (ع) يلخص سبب السكوت وعدم المطالبة لانه يكره الفرقة بين المسلمين رغم ايمانه باحقيته بالخلافة والزعامة الإسلامية.   

  4-   نجد علاقة الائمة (ع) مع سائر المسلمين دون تمييز بين هذا وذاك، فقد فتح الامام الصادق (ع) باب مدرسته العلمية بكافة اختصاصاتها دون حصرها بفئة دون اخرى ولم يبخل (ع) بعلمه على احد من المسلمين من شتى العلوم والمعارف المختلفة، واعطى للاخرين حرية ابداء الراي والحوار معهم بكل شفافية دون ان تكون للخلافات الفكرية والعقدية اي اثر سلبي على هذا النهج، ويتضح لنا ذلك من خلال تعامله (ع) مع ارباب المذاهب كابي حنيفة ومالك  وغيرهما من ورؤساء الطوائف في عصره، بل وحتى مع الملاحدة والزنادقة حيث كان يحاورهم بروحية الالفة والمحبة لغرض هدايتهم. وهذا النهج من سيرته (ع) العطرة يرشدنا بفتح الحوار العلمي مع الاخرين ان اقتضت الضرورة لذلك كما فعل السيد شرف الدين مع الشيخ البشري. 

  5-   توجيه ائمة أهل البيت (ع) شيعتهم إلى توطيد أواصر الوحدة مع سائر أتباع المذاهب الإسلامية الأخرى، فقد ورد الكثير من الروايات التي تؤكد على هذا ومنها قول الإمام الحسن العسكري (ع) (صلوا في عشائرهم واشهدوا جنائزهم وعودوا مرضاهم وأدوا حقوقهم) وفي أصول الكافي عن الإمام الصادق (ع) أنه سأله معاوية بن وهب فقال (كيف ينبغي لنا أن نصنع فيما بيننا وبين قومنا وبين خلطائنا من الناس ممن ليسوا على أمرنا  - أي ليسوا بشيعة -  فقال الإمام (ع) تنظرون إلى أئمتكم الذين تقتدون بهم، فتصنعون ما يصنعون. فوالله أنهم ليعودون مرضاهم ويشهدون جنائزهم، ويقيمون الشهادة لهم وعليهم ويؤدون الأمانة إليهم). 

  6-   يرى ائمة أهل البيت (ع) أن وحدة الأمة هي الركيزة الأولى لقوتها والفرقة هي العامل الأول لضعفها كما هي رؤية القرآن الكريم لقوله تعالى ((ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم)) وقول الإمام علي (ع)  (انه لم يجتمع قوم قط على أمر واحد إلا اشتد أمرهم واستحكمت عقدتهم) وهذه هي الرؤية الحضارية للإسلام والتي تدعوا فيها إلى البناء القوي للأمة وان تكون الشاهد على سائر الأمم، ولا يمكن ذلك إلا من خلال ركيزة الوحدة. 

  7-   تحذير ائمة أهل البيت (ع) الناس من وقوع الفتنة التي تغلف بأغلفة مختلفة وشعارات خداعة وكان الإمام علي (ع) أول من وقف موقف الحريص على وحدة الأمة بعد ما جرى في السقيفة ما جرى فقد وئد الفتنة  التي كادت أن تذهب بالأمة إلى التقاتل عندما جاءه ابو سفيان قائلا  (إن شئت لأملأنها عليهم خيلا ورجالا ولأسدنها عليهم من أقطارها، فأجابه (ع) بقوله (إنك والله ما أردت بهذا إلا الفتنة  وإنك والله طالما بغيت للإسلام شرا لا حاجة لنا في نصيحتك)، وفي مورد اخر اشار (ع) الى هذا المعنى بقوله (أيها الناس شقوا أمواج الفتن بسفن النجاة وعرجوا عن طريق المنافرة وضعوا  تيجان المفاخرة أفلح من نهض بجناح أو استسلم فأراح هذا ماء أجن ولقمة يغص بها آكلها ومجتني الثمرة لغير وقت إيناعها كالزارع بغير أرضه)، بل وحذر ائمة أهل البيت (ع) من الخوض في الجدال العقيم والمؤدي إلى الفتن بين المسلمين، وان أخذ طابع بيان الحق أو الدفاع عنه، كما يتحمس البعض هذا اليوم لمثل هذه الأمور دون أن يعي الانعكاسات السلبية لها على وحدة الأمة. 

  8-   لأجل التأكيد على مبدء الوحدة بين المسلمين نرى ائمة أهل البيت (ع) تدخلوا في ادارة الدولة الاسلامية خصوصا على صعيد المشورة لخلفاء عصورهم فنرى الإمام عليا (ع) كان يشير على الخليفة الثاني بعدم الذهاب شخصيا في الحرب الى بعض الاماكن ويشير عليه بالذهاب لعقد الصلح مع أهل فلسطين وحمايتهم، وموقف الامام محمد بن علي الباقر (ع) في عهد عبد الملك بن مروان كما في كتاب المحاسن والاضداد للبهيقي، رغم عداء هذا الرجل لاهل البيت (ع) فنرى الامام (ع) اتخذ هذا الموقف الايجابي حفاظا على هيبة الدولة الاسلامية وذلك عندما هدد ملك الروم بطباعة النقود وعليها سب النبي الاعظم (ص) ولم تكن النقود انذاك الا النقد الرومي فضاقت على عبد الملك السبل فاشير عليه ان يسال الامام الباقر (ع) عن المخرج من هذا الموقف الصعب، فاجابه (ع) (لا يعظم هذا عليك فانه ليس بشيء من جهتين، احداهما ان الله عز وجل لم يكن ليطلق ما تهدد به صاحب الروم في رسول الله (ص) والاخرى وجود الحيلة فيه) ثم شرح الامام (ع) له كيفية ضرب السكة وموازينها وما ينبغي فعله في هذا الاتجاه، وبهذا افشل مخطط ملك الروم. هكذا كان الائمة (ع) يتعاملون حتى مع خصومهم حفاظا على مصلحة الامة ووحدتها لان العامل الاكبر في حدوث الفرقة هو حب الذات والحرص على المصالح الشخصية، وائمة اهل البيت (ع) منزهون عن ذلك. الى غير ذلك من مواقفهم (ع) التي يذكرها لنا التاريخ. 

  وجريا على سيرة الائمة الطاهرين (ع) انطلقت المرجعية العليا اليوم في مخاطبتها ابناء السنة والجماعة بقولها (لا تقولوا اخواننا بل قولوا انفسنا) كل ذلك حفاظا على وحدة المسلمين وكيانهم في وقت اتحدت فيه كلمة الاعداء على الوقيعة فيما بينهم من خلال اثارة النعرات الطائفية والمذهبية، في حين لم نرى في يوم ما جرى على لسان المرجعية اي نوع من انواع التصنيفات العرقية او غيرها، بل كان خطابها خطابا عاما وشاملا (انتم العراقيون، المسلمون، المؤمنون) التزاما بمنهج الوحدة الاسلامية، ولتحكيم هذا المبدء قالها سماحته صراحة لما جاءه البعض مطالبا بالثار والقصاص فاجابهم (لو كان لي من الاولاد عشرة وقتل منهم تسعة ما كنت لاطلب بثارهم حتى اشخص القاتل، فان اردتم ان يخلدكم التاريخ كونوا مظلومين ولا تكونوا ظالمين واتركوا الامر الى القضاء) هذا اصل من الاصول في منهج سماحته وطريقته في معالجة قضايا الساحة فيما فيه صلاح الامة وبقائها والحفاظ على هيبتها. 

  وفي ختام الخطبة حث الشعب العراقي بكل اطيافه ومكوناته بالوقوف صفا واحدا الى جانب القوات الامنية والحشد الشعبي والعشائر الغيورة على وطنها واراضيها في مساندتهم ضد الموجة الارهابية والتكفيرية، وخاطب المتعاونين معهم بالاقوال والافعال بان هؤلاء ان استحكموا لا سمح الله في العراق فسوف لا يبقون ولا يذرون بما في ذلك المحامون والمدافعون عنهم، وقد رايناهم كيف يتعاملون مع رفاقهم بالسلاح، وسياسيتهم سياسة بني امية (من قال لنا براسه هكذا (لا) قلنا له بسيوفنا هكذا)، فاحذروا شرهم وسطوتهم قبل فوات الاوان وضموا صوتكم وجهودكم مع اخوانكم المدافعين عن العراق والعراقيين، وليعلم الحاكمون اليوم لولا هذه القوات ودفاعها بفتوى المرجعية لتغيرت خارطة العراق وعادوا الى منفاهم قبل السقوط، فلذا نقول عليهم ان لا يتباطأوا في تنفيذ توجيهات المرجعية الاخيرة بتلبية حاجة المواطنين والا فلربما يفلت زمام الامور من ايديهم ويكون علاج القضايا بعدئذ عليهم صعب ومستصعب. 

  كما اشاد بقرار الدكتور العبادي بنزول الوزراء الى الشارع لمعالجة ضروريات المواطنين، سائلا من الله عز وجل ان يحفظ العراق وشعبه ومقدساته من كل سوء وبلاء انه سميع مجيب.

 

 

 

محرر الموقع : 2015 - 08 - 01