لماذا صنعت الصهيونية داعش ؟
    

محمد عبد الله

صحيح ان موظف الاستخبارات سنودن قد كشف بان داعش صنعت من خلال برنامج مشترك بين اجهزة الاستخبارات الامريكية و البريطانية و الاسرائيلية وذلك لمنع اي تهديد مستقبلي على اسرائيل الا ان سبب وضع هذا البرنامج كان هو القلق الاسرائيلي من انتشار المذهب الشيعي على امتداد الوطن العربي كون اسرائيل مطمئنة الى ان اهل السنة ليسوا باعداء لها وحتى ان حاول البعض اظهار ذلك الا ان اي حرب قد تنشأ فانها ستكون محسومة بانتصار اسرائيل كما حدث سابقا وسيحدث مستقبلا بينما الوضع مختلف عندما يكون الشيعة في الطرف الاخر .

الى ما قبل قيام الثورة الاسلامية في ايران بقيادة اية الله الخميني كانت اسرائيل مطمئنة الى وضعها باعتبار ان كل الدول العربية الى جانبها ( عدا سوريا و التي لا تستطيع العمل وحدها ) وبالتالي فلابد لها من تعمل على تثبيت اسسها كدولة متكاملة ولم تفكر بان هناك قوة عربية او اسلامية يمكن ان تشكل خطر عليها باعتبار ان الدول العربية حليفة لاسرائيل والدول الاسلامية لا يمكن ان تشكل تهديد لها لانها تاتمر بما تقرره الدول العربية اما ايران وتركيا فهما حليفتان لاسرائيل وقوتان تدعمانها وبالتالي لا داعي لاي قلق .

نقطة وحيدة كانت تفكر بها اسرائيل ولكن لا تعتبرها مقلقة باعتبار انها مسيطر عليها ومحدودة التاثير وهي الموقف الاسلامي للاقلية الشيعية في العالم العربي و الاسلامي و الذي لم يكن لاسرائيل السيطرة عليه كما سيطرتها على الموقف السني ، حيث كان اول مرجع شيعي في العالم قد هاجم اسرائيل وعدم شرعيتها ودافع عن الحق الفلسطيني هو اية الله الخميني عام 1962 ولكن الشاه اعتقله وابعده الى النجف الاشرف في العراق والثاني هو اية الله محسن الحكيم الذي افتى بدفع الخم و الزكاة الى منظمة التحرير الفلسطينية في بداية تاسيسها عام 1965 وهو ما لم يقم به اي رجل دين سني ولكن لم تكن هذه المواقف تثير قلق اسرائيل كونها مطمئنة الى ان الحكام العرب السنة لن يسمحوا للشيعة باكثر من ذلك واذا ما فعلوا فالسجون و الاعدامات كفيلة بايقافها ولكن جاءت الضربة الغير متوقعة عام 1979 بانتصار ثورة قادها اية الله الخميني ليسقط حكم الشاه الذي ابعده عام 1962 ليقوم هو بنفيه الى المكسيك ثم مصر ويقيم اول دولة اسلامية شيعية في العالم بعد جولة الامام علي بن ابي طالب (ع) وقد كانت خطوة قطع العلاقات مع اسرائيل وتسليم سفارتها للفلسطينيين بداية الوجع الحقيقي للدولة الصهيونية و التي منها بدأ التوجه لوضع اسس التحرك ضد الشيعة في العالم الاسلامي على يد المخابرات الاسرائيلية لينتهي بقيام حركة داعش بتولي المهمة كما هي اليوم .

كانت اسرائيل محقة في تخوفها من انتشار المذهب الشيعي في الدول العربية كونه سينقل مبادئ ثورية وتحررية لم يعرفها اهل السنة قبلا وهو ما سيدفع قضية فلسطين الى طاولات المؤتمرات و الندوات وهو ما لم ترغب به اسرائيل فلذلك كان لا بد من اجهاض الثورة الشيعية الاسلامية في ايران باسرع وقت وهو ما تبرع به صدام حسين ببدءه الحرب ضد ايران بعد ان تعهدت دول الخليج بدفع كافة مصاريف الحرب كما ستدفع مستقبلا مصاريف حرب اسرائيل ضد شيعة لبنان عام 2006 وما تدفعه اليوم في حرب اسرائيل ضد غزة .

لم تنجح الخطوة الاسرائيلية في القضاء على الثورة الشيعية في ايران فقط بل تلقت اسرائيل صفعة كبرى على يد شيعة لبنان بان انهزمت لاول مرة في تاريخها وسحبت قواتها وقد منيت بهزيمة لاول مرة في تاريخها العسكري بعد ان تعودت على هزيمة الجيوش الاسلامية السنية بلمح البصر الا انها انهزمت امام مقاومة شعبية لا تملك ما تملكه الجيوش وبالتالي صدق نبوءة اسرائيل بانه اذا لم يقضى على حكومة اية الله الخميني فان اسرائيل ستواجه مشاكل تهدد وجودها وبالتالي فان عدم نجاح الحرب على ايران اثمر على انتصار شيعة لبنان وهزيمتهم للجيش الاسرائيلي وهو ما اثار الرعب الحقيقي حول استمرار دولة الاحتلال فكان لابد من وضع خطة تحدد من انبهار الشعوب السنية بالمبادئ و المعتقدات الشيعية التي تحقق الانتصارات وتوقفها وان يتولى فريق غير صهيوني محاربة الشيعة ولم يكن هناك افضل من اهل السنة للقيام بذلك وبالاخص علماء السلطة اولا ليقودوا الشعوب في المرحلة الثانية حتى تكون مواجهة دموية لا تسقط فيها قطرة دم اسرائيلية واحدة وهو ما نراه اليوم حقيقة وواقع .

قد ينزعج القارئ السني من مقالتي هذه ولكن لو نظر للامور من ناحية وطنية وليست مذهبية لانه بكل تاكيد كل صاحب مذهب يرفض ان يتهم وينزعج ولكن عندما تكون هناك دماء وقتلى فعليه النظر بمنظور الحقيقة الواقعة وليست الاتهامات التي لا اساس لا شواهد لها .

الحقيقة تقول بان الشيعة لا يمثلون اكثر من 20% من المسلمين اي ان السنة خمسة اضعاف الشيعة ولكن ما نراه اليوم من تهويل سني للخطر الشيعي المزعوم يشعر الانسان الى ان النسبة معكوسة تماما وكأن الشيعة 80% من المسلمين و السنة اقلية مضطهدة وهو عكس الواقع تماما .  الاعلام السني وكل علماء السلطة السنة يشيرون الى الخطر الشيعي ويحذرون من خطر تشييع اهل السنة وهو نفس القلق الاسرائيلي الذي يقول بان السنة لا يمثلون بعقيدتهم اي خطر على اسرائيل وحكامهم كذلك ولكن الشيعة هم خطر كون مبادءهم ترفض الخضوع و الخنوع و الاستسلام وهو ماثبت من خلال اداءهم في ايران ولبنان وبالتالي لو انتشرت هذه العقيدة الشيعية بين السنة وامن بها البعض وتشيع عندها سيتهدد وجود اسرائيل ليس لان الشيعة يريدون القاء الصهاينة في البحر بل لان على اسرائل عندها ان تعيد للفلسطينيين حقوقهم وهذا غير ممكن .

من هنا وضعت اسرائيل خطة تاليب السنة على الشيعة بمعاونة بريطانية امريكية بحيث يقتنع اهل السنة بان وجودهم مهدد من قبل الشيعة وان كانوا اقلية وبالتالي لابد من التصدي لهم ليس بالفكر او الحوار بل بل بالالغاء والقتال وهو ما نراه اليوم حقيقة على ارض الواقع من خلال داعش .

القاعدة او داعش او جبهة النصرة كلها مسميات لفئة واحدة ومههمتها واحدة هي التصدي للشيعة في كل مكان والعمل على ابادتهم و القضاء عليهم نيابة عن اسرائيل وتحت شعار حماية اهل السنة و الذي هو شعار علني لاخر مبطن وهو حماية وجود الصهاينة في اسرائيل اي بمعنى ادق يتصدى اهل السنة للشيعة ويقتلونهم حماية للكيان الصهيوني وهو في اصدق معانيه في العراق بعد ان رايناه واضحا في سورية .

القاعدة او داعش او جبهة النصر قامت بتفجير الاماكن المقدسة للشيعة كمرقد الامامين العسكريين وتهديد مرقد السيدة زينب في سوريا ومن ثم تفجيرات في اضرحة ائمة الشيعة في الكاظمية و كربلاء وتفجير مساجدهم وحسينياتهم وفواتحهم وكل ما يتعلق بالشيعة و الذي هو بكل تاكيد سيثير الشيعة فيلجا بعضهم للانتقام فيقول السنة انظروا كيف يقوم الشيعة باستهداف اهل السنة وبالتالي لابد من وجود وتاييد القاعدة وداعش و جبهة النصرة وهو ما يحدث حاليا . الخطة الصهيونية اقسم الحكام العرب (عدا سوريا و الجزائر ) على تطبيقها بحذافيرها خصوصا وان الصهيونية اقنعتهم بان انتشار المذهب الشيعي المنتصر سيهدد عروش هؤلاء الحكام اولا لان شعوبهم لو اعتنقت المذهب الشيعي فانها ستشعر بعزتها وكرامتها وكبرياءها وشموخها وبالتالي لن تقبل بالخضوع و الخنوع للحكام الخونة و الذين ينهبون البلد ويحولونه على شركات عائلية وبالتالي لابد من القضاء على الشيعة وخلق حالة من العداء الشرس الغير قابل للايقاف او التحجيم حتى يمكن دحر الشيعة ومذهبهم مع ضرورة قيام الاعلام و الكتاب و الصحفيين بدورهم بتزوير الحقائق واختلاق الاكاذيب والاحداث وكتابة المقالات المحرضة على المذهبية و الطائفية ليستطيع المخطط استكما حلقاته ونجاحه مع التاكيد على ان تاخذ المواجهة شكلا دمويا وحشيا قاسيا مرعبا حتى يزيد الشرخ ويقوي الانتقام ويمنع اي محاولة للتفاهم وهو ما نراه اليوم في عمليات الذبح و قطع الرؤوس و التمثيل بالجثث واغتصاب النساء وغيرها و التي تثير غضب اي انسان يراها او حتى يسمع بها .

كما تاتي الخطة الصهيونية الى مشروع محو التاريخ لتضع هي تاريخا جديدا كونها تفتقد تاريخا يساعد ادعاءتها لاننا لو نظرنا الى حالة اخواننا اليهود الذين يعيشون معنا في اوطاننا فاننا لا نرى ان اضطهاد قد تعرضوا له بسبب دينهم بل ان ما حدث لهم في بلداننا كان معد لهم سلفا حتى يهاجروا الى اسرائيل ويزيدوا عدد السكان فيها وكما تعمل القاعدة وداعش السنية اليوم ضد الشيعة ولاجل مصلحة اسرائيل فان نفس اؤلئك السنة هاجموا اليهود من اجل مصلحة اسرائيل وهم نفسهم اليوم يهجرون الاخوة المسيحيين ويقتلونهم ولكي يتاكد القارئ العزيز من ان السنة اؤلئك سابقا و اليوم هم نفسهم في خدمة المشروع الصهيوني اقول له بان القاعدة وداعش و النصرة يقتلون المسيحيين و الشيعة اليوم بينما لم يقتلوا اليهود سابقا بل خوفوهم ليرحلوا فلماذا لم يقتولوهم و السبب واضح هو ان الصهيونية كانت تريد هجرة اليهود الى اسرائيل وهي بحاجة الى عدد وبالتالي كان لابد من تهجيرهم دون المساس بحياتهم بينما هي لا تريد الشيعة او المسيحيين فلذلك تطلب من القاعدة وداعش ان تقتل المسيحيين و الشيعة ولا تسمح لهم بالهجرة او الرحيل .

ترى ما الذي يجمع بين كره وحقد داعش لانبياء الله ورسله واولياءه فيدمروا مقاماتهم ويمحو قبورهم ويدمروا كل اماكن العبادة وبين قوم هم اكثر من قتلوا انبياء الله ورسله واولياءه ؟ اليس الذي لا يعترف بنبوة يونس عليه السلام هو ليس بمسلم لان يونس نبي من انبياء الله فكيف يجرؤ من يقول بانه مسلم بتفجير قبره ومقامه بتلك الصورة التي رايناها ؟ اليس الامر بحاجة الى تأمل ولو قليلا ؟ فاذا كان الشيعة بعرف داعش مشركين و المسيحيين كفار فما بال النبي يونس وشيت عليهم السلام ؟

اتمنى من اي اخ سني يقرأ هذا المقال ان يجيبني ان كنت على خطأ فلعلنا نصل الى نتيجة توقف نهر الدماء الذي سيكتب التاريخ بانها اريقت على يد ابناء مذهب يقولون بانهم انما يطبقون سنة نبيهم الذين يؤمنون به ويقولون بانه اسمه محمد والدين الذي جاء به يسمى الاسلام .

واخيرا كل ما تفعله داعش واخواتها انما هو دعم لبقاء وتقوية الصهيونية ومن حق الصهيونية ان تفخر بانها وجدت مطية تركبها وتسوقها كما تريد .

 

 

محرر الموقع : 2014 - 07 - 28