ألمانيا.. مشكلة إلزام لاجئين بجلب جوازات سفر بلدانهم التي فروا منها!
    

تجبر السلطات الألمانية الحاصلين على الحماية الثانوية بجلب جوازات سفر من سفارات بلدانهم. وهذا ما قد يسبب مشاكل عديدة لأولئك اللاجئين، من إمكانية ملاحقة أهاليهم أو تمويل الأنظمة التي فروا منها وحتى توقيع "إقرار بالندم"!

 

"لن يتم تجديد إقامتك حتى تجلب جواز سفر من سفارة بلدك"، هذا ما قالته موظفة بدائرة الأجانب للاجئ السوري أحمد الذي يعيش في مدينة دوسلدورف الألمانية منذ سنتين.

يقول اللاجئ العشريني والحاصل على الحماية الثانوية لمهاجر نيوز: "أخبرتها أنني لن أذهب إلى سفارة النظام الذي هربت منه، لكنها أخبرتني أن هذه هي القوانين!"، ويضيف: "أخاف أن يتعرض أهلي للأذى إذا علم النظام بأنني لاجئ في ألمانيا! من يعرف؟".

 هذه المخاوف قد يشاركها مع أحمد أكثر من 230 ألف لاجئ حاصل على الحماية الثانوية في ألمانيا، والذين تلزمهم السلطات بجلب جوازات سفر أو تمديد جوازات سفرهم القديمة من أجل إصدار تصاريح إقامة جديدة لهم.

وبخلاف اللاجئين المعترف بهم وفقاً لاتفاقية جنيف، والذين يحصلون على وثيقة سفر بديلة من السلطات (تُعرف بين اللاجئين بالجواز الأزرق)، لا يحصل أصحاب الحماية الثانوية على "الجواز الأزرق"، بل تلزمهم السلطات بجلب جواز سفر تصدره سلطات بلدانهم الأصلية.

"التعامل مع الأنظمة القمعية التي فروا منها"
ووفقاً لمنظمة "برو أول"، وهي أكبر منظمة حقوقية مدافعة عن حقوق اللاجئين في ألمانيا، فإن مخاوف أحمد وغيره من الحاصلين على الحماية الثانوية "مبررة"، إذ تشير المنظمة إلى إمكانية اضطهاد أقارب أولئك اللاجئين من قبل النظام السوري إذا علم النظام بأنهم لاجئون في ألمانيا.

وتقول مستشارة السياسة القانونية في المنظمة، فيبكه يوديت، في تصريحات نقلتها إذاعة جنوب غرب ألمانيا (SWR): "لا يمكن أن يُطلب من اللاجئين التعامل مع الأنظمة القمعية التي فروا منها". إلا أن متحدثة باسم وزارة الداخلية ذكرت للإذاعة أن الوزارة لا تعتبر جلب جوازات السفر من السفارات أمراً "غير معقول بحد ذاته".

لكن وبحسب "برو أزول"، فإن جلب اللاجئين جوازات سفر من  سفارات بلدانهم التي فروا منها، لا يعرض أهاليهم للخطر فحسب، بل يساهم أيضاً في تمويل "الأنظمة القمعية" التي فروا منها.

 

"تمويل من غير قصد"

ويكلّف الحصول على جواز سفر سوري من السفارة السورية في برلين 270 يورو "وفق نظام الدور"، ولأن هذه الطريقة تستغرق مدة طويلة، يضطر كثيرون إلى طلب "جواز سفر مستعجل" وهو ما يكلف أكثر من 700 يورو. وهذا ما يعني أن النظام السوري قد يحصل على ملايين اليوروهات من إصدار جوازات للسوريين الحاصلين على الحماية الثانوية في ألمانيا، والذين يصل عددهم إلى 150 ألف شخص.

العدد الكبير للسوريين الحاصلين على الحماية، ومدة الصلاحية القصيرة للجواز، والتي تقتصر على سنتين، قد تجعل هذه الطريقة "مصدر تمويل" لنظام الأسد، كما تقول الخبيرة فيبكه يوديت، وتضيف: "السوريون يموّلون النظام الذي هربوا منه، من غير قصد". في حين تعتبر وزارة الداخلية الألمانية أن رسوم إصدار الجواز السوري "معقولة".

مشكلة إلزام الحاصلين على الحماية الثانوية بجلب جوازات من سفارات بلدانهم لا تقتصر على السوريين فحسب، بل تمس أكثر من 13 ألف إريتري حاصل على الحماية الثانوية أيضاً.

"إقرار بالندم" و "ضريبة بناء"؟
لكن بالنسبة للإريتريين، فإن طلب الحصول على جواز سفر من سفارة بلدهم الأصلي مرتبط بشروط أخرى، منها التوقيع على "إقرار بالندم" يعتذرون فيه عن الفرار من إريتريا، كما تقول فيبكه يوديت من "برو أزول"، وتوضح: "الإقرار بالندم، إذا جاز التعبير، يعني أنني أقبل بأي عقاب يريده النظام الإريتري لي". لكن وزارة الداخلية قالت إنه ليس لديها أي معلومات أن توقيع هذا الإقرار "سيجعل الوضع القانوني للموقعين أسوأ أو أنه سيعرض أقاربهم للانتقام في إريتريا"، حسبما نقلت عنها إذاعة SWR الألمانية.

وفي هذا الإقرار يتعهد اللاجئون أيضاً بدفع ما يسمى بـ"ضريبة الشتات" أو "ضريبة البناء"، والتي تعني دفع اثنين في المائة من دخلهم للنظام الإريتري. تقول يوديت إن هذا يشكل "عاملاً اقتصادياً مهماً لإريتريا"، وتضيف أن الإريتريين الحاصلين على الحماية الثانوية في ألمانيا يموّلون بذلك النظام الذي فروا منه.

الجوازان الألماني والسوري

رفض الذهاب إلى السفارات
ورغم أن الحاصلين على الحماية الثانوية يمكنهم رفض الذهاب إلى سفارات بلدانهم الأصلية من أجل إصدار أو تجديد جوازات سفرهم، مع تقديم أسباب لذلك، إلا أن الموافقة على الحجج التي يقدمونها أو رفضها يعتمد بدرجة كبيرة على الموظف المسؤول عنه، كما تقول يوديت. 

 

فعند موافقة الموظف المسؤول على الأسباب التي يقدمها الحاصل على الحماية الثانوية لعدم الذهاب إلى سفارة بلده، يمكنه إصدار وثيقة سفر بديلة للاجئ.

ورغم أن توجيهات وزارة الداخلية تؤكد أن الرسوم المرتفعة والتوقيع على "الإقرار بالندم" و"ضريبة البناء"، كلها ليست أسباب كافية لإعفاء الحاصل على الحماية الثانوية من الذهاب إلى سفارة بلده الأصلي، كما تؤكد إذاعة (SWR)، فقد استطاع اللاجئ السوري أحمد في النهاية إقناع الموظفة المسؤولة عنه بأن الذهاب إلى السفارة قد يعرضه أو يعرض أهله لـ"خطر مباشر"، ما جعل الموظفة تعفيه من الذهاب إلى السفارة السورية. وتم تجديد إقامته بدون تجديد جواز سفره. الأمر الذي ربما يكون له عواقب سلبية في حال تغيرت الموظفة المسؤولة عن ملف أحمد.

ورغم ذلك، يقول أحمد إنه يعرف أن آلاف اللاجئين "سيفشلون في إقناع الموظفين المسوؤلين عنهم بعدم إجبارهم بالذهاب إلى السفارة"، ولذلك يدعو السلطات إلى عدم ترك الموضوع "متعلقاً بمزاج الموظف".
مهاجر نيوز
محرر الموقع : 2020 - 07 - 03