دموية صراع الأخوة..بين نار الإرهاب وجنة الفيدرالية..الحلقة الثانية
    
محمد الحسن
اللافي ليس أول الذباحين..!
أرتبط هذا الأسم بساحات الأعتصام التي تطالب (بالحق السني) أو المظلومية السنية, والتي تعاطف معها نسبة كبيرة من الشيعة, سيما إن الأجواء صافية وهناك رغبة كبيرة في الشارع الشيعي على تغيير لون الحكومة الحزبي. اللافي أطلق صيحات رافضة للشيعة وتلقفها المئات برضى وأرتياح؛ فأنتهى الأمر وحدث كسر العظم... حقيقة الأمر إن الإسلام السياسي, أو ما يعبر عنه أحياناً (الصحوة الإسلامية) صيرت العمة ممثلة لشرائح واسعة من المجتمع وهي تشعر بطمأنينة الضامن للجنة! نموذج اللافي, سبقه آخرون, وأبرزهم (حارث الضاري) وزامنه كثيرون لا مجال لذكرهم, وهؤلاء كلهم رجال دين يدينون بدين وعقيدة تصور لهم دعوات القتل والذبح والتفخيخ (تقرّب إلى الله)..!
من أين يأخذون التشريع؟
تفجيرات جسر الأئمة في 6/10/2013 أثناء أحدى المناسبات الدينية, حملت بين طياتها صراحة على تبنّي منهج الفتنة والقتل؛ فالسنة يبررون ذلك العمل الإجرامي بداعي كونه أنتقاماً وثأراً من نفرٍ يقال أنه "سب الصحابة في منطقة الأعظمية"!..إن صحّت رواية الشعارات الطائفية؛ فهي مرفوضة ونضع عليها أكثر من علامة أستفهام, بل تعد ضمن مخطط الفتنة المرجوة. غير إن هذا الفعل المستهجن لا يبرر بأي شكل من الأشكال أراقة الدماء والموافقة عليها, وتبرز مجموعة من الأسئلة التي يثيرها العقل: كيف حصل الأنتحاري على تجهيزات القتل والتفجير, متى وأين فخخ جسده, وهل يمكن تشريع القتل وتبريره بسبب تهمة السب والتي قام بها شخص غير المقتول؟!
لا شك إن هناك بيئة حاضنة جاء من خلالها هذا الأنتحاري وتستر فيها وجهّز قذارته بها...مؤمنون بما سيقوم به؛ بعبارة أخرى, تناقض عقائدي لا يمكن تجاوزه إلا بالدم (بحسب هؤلاء)..!
تلك البيئة بمجملها تمثل طائفة بسوادها الأعظم, ليس من السهل تغيير معتقدات الناس, ولسنا بصدد حوار عقدي, لكن رغم كون هذه الحقيقة قائمة في عراق اليوم, غير إن الطائفة السنية لا تكفّر ولا تدعوا للقتل والإقصاء لسبب خلافي أو أختلاف؛ إنما السياسة هي صاحبة الكأس المعلى في الممارسة الدينية, وقد نجد بعض النصوص التي تعبّر عن فتاوى حاقدة كالكلمة التي أطلقها أبو حامد الغزالي في القرن الخامس الهجري: "أما أطفالهم فنعرض عليهم الإسلام, إن قبلوا رددنا السيوف إلى قربها, وإن أبوا مددنا إلى رقابهم سيوف الحق". لكنها تعد فتوة سياسية موجهة ضد الدولة الفاطمية في مصر آنذاك, وكل دعاوى القتل جاءت في هذا الصدد لإسباب سياسية صرفة. بعد تغلغل المد الوهابي داخل الأوساط السنية, تكوّن هناك مرتكز فقهي وعقائدي ناسفاً التراث السني المعتد به عند أهل العلم. مشكلة التشريع لا تقتصر على السنة وحدهم, بل ضربت العالم الإسلامي برمته, فالشيعة أبتلوا بنفس الداء؛ لكن وجود المرجعيات وفصل المرجعية عن التأثيرات السياسية كان بمثابة المصد الذي خفف كثيراً من حدة التطرف, رغم وجوده.
وسواء كان هناك أثر تأريخي أو لم يكن؛ فالأمر الواقع مغاير لأفكار ودعوات التعايش والوحدة المستمدة من التعاليم الدينية...الشيعي يستفز السني –بالسب- والسني يقتل الشيعي أو على الأقل تنطلق من مناطقه حملات التصفية ضد الشيعة..!
محرر الموقع : 2014 - 08 - 31