ظافر والنجيفي يبتزان سليم الجبوري في مسجد مصعب بن عمير!!
    

محمد ضياء عيسى العقابي

لم يذهب لا ظافر العاني ولا أسامة النجيفي ولا سليم الجبوري إلى مسجد مصعب بن عمير  في محافظة ديالى قرب جبال حمرين. ولكنهم تناطحوا هناك.

القضية وما فيها هي أن العناصر الطغموية* التي بقيت على طغمويتها قد تلقت لطمة بوسع الكف وركلة بوسع القدم فتضائل عددها عما كان عليه قبل ظهور داعش في الفلوجة وديالى وصلاح الدين والموصل؛ إذ إنسلخت عنهم أغلبية الجماهير السنية وكذلك إنسلخ معظم القياديين والنواب وشكلوا مجموعة كبيرة هزَّتها المخاوف على وحدة العراق وديمقراطيته الوليدة وأصبحوا أكثر وعياً لخطورة المشاريع الصهيونية الإمبريالية على العراق علاوة على الإتهامات المتواترة من عدة جهات وشخصيات تتهم النجيفيين أسامة وأخاه أثيل والبرزاني بالتورط في إستيلاء داعش على الموصل ضمن مشروع أوسع وأخطر تمت الحيلولة، من قبل المرجعية والمالكي والجماهير، دون إدراك هدفه الحقيقي وهو إحداث تغيير ديموغرافي واسع في العراق لجعل الشيعة أقلية وإنتزاع النفط من بين أيديهم لصالح الإمبرياليين صانعي داعش. 

الطغمويون المتبقون يمثلهم أسامة النجيفي وظافر العاني وأحمد المساري وهؤلاء ركبهم التعصب الأعمى لدرجة أنهم يفضلون حكم الصهاينة على رئيس وزراء شيعي حتى ولو وصل عبر صناديق الإقتراع في إطار نظام يشق طريقه بصعوبة بالغة نحو الديمقراطية.

تعصبهم الأعمى ضيَّقَ عقولهم وراحوا يحسبون حسابات بائسة وفق المنطق التالي:

داعش تهدد بغداد وربما كربلاء والنجف. الحكومة العراقية بحاجة إلى طائرات ومساعدات لوجستية أمريكية. أمريكا تمتنع عن المساعدة إلا إذا تشكلت حكومة عراقية جامعة. إذاً، إذا عرقلنا تشكيل الحكومة ستبقى أمريكا غير راغبة في تقديم الطيارات والمعدات التي إشترتها الحكومة. هنا سيرضخ التحالف الوطني لمطالبنا مهما علا سقفها خوفاً من داعش التي هددت بأنها ستحتل "كربلاء والنجف لتقضي على عبدة البشر والحجر". وإذا ما سلك التحالف الوطني سلوكاً آخر وحاول مساومة الأمريكيين عن طريق منحهم تنازلات فيما يخص النفط والقواعد العسكرية وفدرلة العراق [وهي أهدافهم الحقيقية]، عندئذ يكون التحالف الوطني قد وقع في فخنا إذ سندق له الطبول كعميل للإمبريالية حتى إسقاطه بمساعدة الأمريكيين وداعش لنا لأن أمريكا لا تثق بحكومة تستند إلى أغلبية شعبية فهي تثق بنا ولا تثق بهم أي تفعل أمريكا ما فعله البريطانيون عند تشكيل الدولة العراقية الحديثة في عشرينات القرن الماضي.

بتقديري، واصلَ هؤلاء الطغمويون الحساب وتقدير الموقف على هذا النمط من التفكير وقالوا:

لكننا نحتاج إلى وحدة الصف [الطغموي] لأن أوباما يلح على مسألتي الحكومة الشاملة وتهميش السنة حتى بلغ به الحرص في مؤتمره الصحفي يوم 28/8/2014 إلى القول بالحرف الواحد: "السنة غير ممَثَلين". ووحدة الصف تقتضي حملَ سليم الجبوري وجماعته على الإصطفاف معنا ولو بالإبتزاز فهو مبرَّر في هذه الحالة لأنه يخدم "المصلحة العليا".

إنتهى التصور الطغموي.

إذاً، أصبح ابتزاز الدكتور سليم الجبوري وكتلته ضرورياً. فما السبيل إلى ذلك؟ ....

 وهل هناك أبسط وأنجع من اللعب على عواطف الناس ودغدغة مشاعرهم الطائفية بإفتعال مجزرة مسجد مصعب بن عمير؟     

لا أريد أن أخوض في تفاصيل هذه المجزرة البشعة التي تابعتُ تفاصيلها على مدى عدة أيام عبر التغطية الواسعة التي قامت بها فضائية (الحرة – عراق) وهي فضائية لا يمكن إتهامها بالإنحياز نحو الحكومة بل على العكس فهي تدعم منطق الرئيس أوباما الذي إنحدر خطابه إلى مستوى التهريج الذي ما كنتُ أتمناه لرئيس أقوى دولة في العالم يُفترض فيه دعم الديمقراطية وليس دعم المصرّين على وأدها من منطلقات طغموية ضيقة تصب في خدمة شركات النفط.

خلاصة الموضوع هو أن المجزرة هي نتيجة فعل كيدي ورد فعل وهو عمل إنفرادي إنفعالي منعزل رغم إتهام عدة أشخاص به لكنه يبقى عملاً غير منهجي وغير مبرمج أي على عكس جرائم التفخيخ والإنتحاريين والقذائف والعبوات الناسفة والكواتم والغدر (سبايكس وبادوش مثالان) التي لم تنقطع منذ عام 2003 والتي أودت بحياة مائة ألف شهيد تقريباً وجرح نصف مليون مواطن.

طبَّل وزمر ظافر العاني وزمرته وحاولوا عرقلة تشكيل الحكومة وحاولوا إبتزاز مؤيدي الدكتور الجبوري ووضعهم أمام أحد خيارين حسب تقديراتهم: فأما الإنجرار ورائهم (أي وراء من تبقّى من الطغمويين) وأما مواجهة غضب الجماهير المؤيدة لهم والمستَنفَرة بفعل التأجيج الديماغوجي وسحب البساط من تحت أقدام سليم وزملاءه وعزلهم وبالتالي عودة الطغمويين إلى سابق "عنفوانهم" ريثما تعود السلطة المفقودة إليهم.

أحسبُ، وآمل أن أكون صحيحاً، أن بعض تصريحات الدكتور سليم الجبوري التي حملت بعض الروح الطغموية، ما هي إلا محاولة لإحتواء هجوم ظافر الإبتزازي التخريبي رغم أن هذه المحاولة خجولة متهيبة وتفتقر إلى الشجاعة التي تقتضيها ظروف العراق الحرجة والمخاطر الشديدة التي تحدق بالشعب والوطن.

هذا ولم أحشر إسم أسامة النجيفي حشراً مفتعلاً بل له مبرراته. فالنجيفي يقف وراء ظافر وكلاهما طائفيان للنخاع وهو "مختبئ" ولا يريد أن يكون كعادته تحت الأضواء مهرِّجاً مفضوحاً ومؤلباً على القوات المسلحة وذلك بإشارة هاتفية من صاحبه في واشنطن كي يبدو بمظهر الحمل الوديع المعتدل لإعداده لمنصب نائب رئيس الجمهورية للسير في مشروع بايدن لفدرلة وشلّ العراق؛ وهو، النجيفي، الذي تلاحقه تهمة محاولة سحق معنويات الشعب العراقي لصالح داعش ومن يقف ورائها يوم 10/6/2014 حين صرح بأن "العراق يتعرض لعدوان خارجي وهناك إنهيار إداري وعسكري". إن تصريحاً كهذا يُطلق في ظرف حساس للغاية يرقى إلى الخيانة العظمى. إن من صمَّمَ داعش وصنّعَها وضعَ سلاحَ سحق المعنويات المسبق في مقدمة تمهيداتها للهجوم الكاسح الذي أُريد له أن يبلغ البصرة ويُجري الإبادة والتغيير الديموغرافي ولكنه فشل.

أخيراً، نسي المتبقون من الطغمويين أربع أمور:

-        أن التحالف الوطني يستمد قوته من الجماهير العراقية ولا يستمدها من أمريكا أو غير أمريكا. وهو ليس بحاجة إلى تقديم تنازلات غير دستورية وغير وطنية وغير عادلة لأيّ كان فالشعب هو سيد الحاكمين وقد قال كلمته.

-        إن أمريكا ما عادت هي الدولة العظمى الوحيدة في العالم ولا تحتكر السلاح المتطور بمفردها فقد نهض الدب الروسي ومعه دول البريكس وإيران، وهو المعروف بسلاسة علاقاته مع الشعوب.

-        بتقديري، إن الجماهير السنية العربية في العراق أحرص على الوحدة العراقية بما لا يتخيله الطائفيون حتى النخاع ظافر وأسامة والمساري ومن لف لفهم. كيف لا والسنة العرب هم الذين أسهموا إسهامات أساسية في بناء الدولة العراقية الحديثة ولهم باع طويل رغم كل المؤاخذات هنا وهناك وهي من إنتاج الطغمويين وليس من إنتاج السنة؟

-        وإذا تبين أن الإنشقاق المفترض بين الطغمويين هو وهمٌ وسوءُ تقدير فستتعالى عندئذ الدعوة لتجزئة العراق على أساس أنها قادمة لا محال وهي المآل الأخير لفيدرالية السادة جو بايدن وأسامة النجيفي ومسعود البرزاني ، فمن الأسلم إختزال الطريق وخير "البر" عاجله وعلى العراق السلام.

محرر الموقع : 2014 - 09 - 01