غموض يحيط قصة لاجئ عراقي متهم بالمشاركة في ’مجزرة سبايكر’.. العراق يتهم وفرنسا تبرئ
    

هل هو مجرم حرب أم ضحية؟ حصل لاجئ عراقي متهم بالمشاركة في مجزرة عام 2014 في بلاده على إطلاق سراح جديد في فرنسا، حيث تواجه النيابة صعوبات في تعزيز الأدلة من أجل إحالته إلى المحاكمة.

وبحسب تقرير لـ "فرانس برس" فأن تهم ارتكاب "عمليات قتل إرهابية وجرائم حرب" وجهت إلى، أحمد حمدان محمود عياش الأسودي، البالغ من العمر 35 عاما، في مارس 2018 في باريس، لكنه يؤكد منذ ثلاث سنوات أن القضية لا أساس لها، وأن السلطات العراقية التي أصدرت مذكرة التوقيف بحقه لفقتها له.

وأحمد متهم من قبل السلطات العراقية بالمشاركة في المجزرة التي وقعت في معسكر سبايكر في تكريت يومي 12 و13 يونيو 2014 حيث أعدم تنظيم داعش 1700 مقاتل عراقي.

وهي تهم خطيرة رفضها الشاب الذي حصل على وضع اللاجئ في عام 2017.

وفي عام 2016، نُفذ حكم الإعدام شنقا بحق 36 رجلا دينوا بارتكاب تلك المجزرة، بعد محاكمة انتقدتها بشكل خاص منظمة هيومن رايتس ووتش غير الحكومية، وقالت إنها افتقرت إلى الشفافية. وكان من بين المدانين مخبر أبلغ عن أحمد حمدان.

ومنذ توقيفه، يسعى القضاء الفرنسي بصعوبة بالغة إلى تثبيت الاتهامات. ومؤخرا أقر قاضي التحقيق بأن "التحقيقات الجارية الطويلة والبطيئة، خصوصا على المستوى الدولي، لم تسمح بعد بتأكيد أو دحض" أقوال الشاب العراقي.

في 8 فبراير، وبعدما اعتبر أن اعتقال حمدان لم يعد "مبررا" لانتهاء التحقيقات، أفرج القاضي عنه بموافقة نيابة مكافحة الإرهاب، على أن يبقى تحت إشراف قضائي، رغم هربه لفترة وجيزة في مايو 2020 خلال التسريح الأول.

وقد اشترط القاضي أن يتابع برنامجا تأهيليا مخصصا للأشخاص الذين حوكموا أو دينوا بالإرهاب.

لكن، ما زال الغموض يحيط بمسار اللاجئ الذي بدل انتماءاته المثيرة للشبهة خلال حالة الفوضى في العراق. فقد قال للمحققين إنه تعرض للاختطاف والتعذيب من قبل الإسلاميين، الأمر الذي دفعه للتعاون مع أجهزة الاستخبارات الأميركية من عام 2006 إلى عام 2010.

ثم عمل مع الاستخبارات العراقية بعد الانسحاب الأميركي حتى سجنه في عام 2012 بسبب نشاطه السياسي "المعارض".

وقال إنه فرّ مع العديد من المحتجزين معه في 11 يونيو 2014 واتصل بالقوات الكردية و"أنشأ شبكة مخبرين" لحسابها، قبل أن يسلك طريق الهجرة عام 2015 حتى وصوله إلى فرنسا.

في عام 2019، أكد مكتب التحقيقات الفدرالي الأميركي أن حمدان "عمل مع الأجهزة الأمنية العراقية" و"التقى بممثلي عدة دول أخرى" في عام 2007، ما قد يعني أجهزة دول أخرى.

لكنه عرف أيضا حمدان على أنه "مقاتل في تنظيم القاعدة ... ولعب دور الميسر لصالح تنظيم الدولة الإسلامية" قبل إعلان الخلافة.

 لكن المكتب الفدرالي لم يقدم دليلا على هذه التأكيدات.

ويثير هربه إلى ألمانيا حيث تقيم زوجته بعد إطلاق سراحه لأول مرة تساؤلات أيضا. إذ سلم نفسه للشرطة بعد بضعة أيام وسُلم إلى فرنسا وأعيد سجنه في 13 أغسطس.

وأوضح اللاجئ الذي حاول الانتحار في أبريل 2018 أنه كان "خائفا" من استخدامه كورقة مساومة لمبادلته مع "جهاديين فرنسيين" معتقلين في العراق.

وقال محاميه محمد المنصف حمدي "كلما تقدمنا تتضاءل قوة اتهامات السلطات العراقية".

وأضاف المحامي أن "من المحتمل جدا أن تكون هناك رغبة في استغلال العدالة الفرنسية والدولية من جانب بغداد لحل مشكلات سياسية داخلية" مع سعي السلطة وفقا له للعثور على جناة تدينهم لتهدئة غضب أسر ضحايا مذبحة تكريت.

ويعتمد المحامي لتبرير ذلك على أن السلطات العراقية رفضت إرسال أي دليل لدعم اتهاماتها، وتساءل: "ما هي المصداقية التي يجب أن نعطيها لنظام غير قادر على أن يوفر في الحد الأدنى ملفا قضائيا لمواطن أصدر بحقه مذكرة توقيف".

وأضاف أنه "بعد أكثر من 35  شهرا من الاحتجاز السابق للمحاكمة كلها تقريبًا في الحبس الانفرادي، تأثرت حالة موكلي النفسية كثيرا. ومع ذلك، ما زال على استعداد تام للتعاون من أجل كشف الحقيقة".

ويكتسب نجاح هذه القضية أهمية خاصة بالنسبة لقسم "الجرائم ضد الإنسانية" في محكمة باريس القضائية الذي أنشئ في عام 2012 لتنفيذ طموحات العدالة الفرنسية المختصة بمقاضاة أخطر الجرائم في العالم في حالة تواجد المشتبه به في فرنسا.

ويجري القسم حوالي 40 تحقيقا تتعلق الآن بسوريا والعراق بعدما ركز في البداية على الإبادة الجماعية في رواندا. وقد أسفرت حتى الآن عن توجيه لائحة اتهام إلى ثلاثة أشخاص من بينهم حمدان، ولكن لم يصل أي من هذه التحقيقات إلى مرحلة المحاكمة.

 

محرر الموقع : 2021 - 02 - 17