إيلان بابي.. مؤرخ يهودي عرى إجرام “إسرائيل”
    

 

 

 

يعدُ المؤرخ اليهودي إيلان بابي، أحد الشخصيات البارزة في سماء الأكاديمية العالمية التي انتقدت الصهيونية في العالم، والتي أظهرت حقَّ الفلسطينيين في أرضهم التي سلبت منهم جراء مجموعة من الأساطير التي سوق لها على أنها أفكار علمية، فمن هو البروفيسور البروفيسور إيلان بابي، وما هي أفكاره؟

ينتمي بابي إلى تيار المؤرخين الجدد الذين قاموا بإعادة كتابة التاريخ الإسرائيلي وتاريخ الصهيونية وطرد وتهجير 700,000 فلسطيني في عام 1948. وقد يعتقد بان عملية التطهير العرقي لفلسطين، تمّ التخطيط لها بصورة مسبقة وواعية، ويُركّز بالأساس على ما يعرف بخطة دالت التي انتهجتها الوحدات العسكرية الإسرائيلية عام 1947.

إيلان بابي.. الصهيونية خطر

ويضع اللوم على إنشاء “إسرائيل” بسبب عدم وجود السلام في الشرق الأوسط، ويرى بان الصهيونية أكثر خطورة من التشدد الإسلامي. كما هو من الدعاة إلى مقاطعة المؤسسات التعليمية الإسرائيلية.

يدعم بابيه حل الدولة الواحدة وقيام دولة ثنائية القومية للفلسطينيين والإسرائيليين.

تم دعم أعماله من قبل بعض المؤرخين. ومن جهة أخرى تعرض إيلان بابيه للكثير من النقد في” إسرائيل” بسبب تأييده للحقوق الفلسطينية في عودة اللاجئين وفي مقاومة الاحتلال. وقبل مغادرته إسرائيل عام 2008، تم إدانته من قبل الكنيست، البرلمان الإسرائيلي؛ وقد دعا وزير التعليم إلى إقالته؛ ظهرت صورته في إحدى الصحف بانه مستهدف؛ وقد تلقى عدة تهديدات بالقتل.

ومن أقواله “في تفكيري الخاص، أرى أني أنتمي لمجتمع يمارس فظاعات بحق الفلسطينيين. وأشعر أن من واجبي الاعتراض، حتى لو جعلني ذلك منبوذاً».

ويقدم بابي الذي تعمّد نشر «السجن الأكبر على الأرض» بالتزامن مع الذكرى الخمسين لنكسة 1967، التي أوصلت الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية وغزة إلى أقصى مبتغاه، ليبدو مؤلفه بحثاً شاملاً معمقاً لواحد من أعنف الصراعات المأساوية المتمادية في العالم.

تعليمه

ولد ايلان بابيه في حيفا في سنة 1954 لأبويين يهوديين من أصول ألمانية هربا من الملاحقة النازيية لليهود خلال ثلاثينات القرن العشرين. في سن 18، تم تجنيده في قوات الدفاع الإسرائيلية، وكان يخدم في مرتفعات الجولان خلال حرب تشرين عام 1973.

تخرج من الجامعة العبرية في القدس سنة 1978 وحصل على الدكتوراه من جامعة أكسفورد سنة 1984. كان موضوع أطروحته للدكتوراه «بريطانيا والصراع العربي الإسرائيلي» وأصبح ذلك كتابه الأول.

العمل الأكاديمي

كان بابي محاضرًا كبيرًا في قسم تاريخ الشرق الأوسط وقسم العلوم السياسية بجامعة حيفا بين عامي 1984 و 2006. وكان رئيس أكاديمية معهد السلام بجبت حبيبة من سنة 1993 إلى سنة 2000 ولديه مقعد بمعهد اميل توما للدراسات الفلسطينية.

ولد بابي في حيفا، فلسطين المحتلة ، قبل مجيئه إلى المملكة المتحدة، كان محاضرًا بارزًا في العلوم السياسية بجامعة حيفا (1984-2007) وكان رئيسًا لمعهد إميل توما للدراسات الفلسطينية والإسرائيلية في حيفا (2000-2008). وهو مؤلف كتب التطهير العرقي لفلسطين (2006)، والشرق الأوسط الحديث (2005)، وتاريخ لفلسطين الحديثة ارض واحدة وشعبان (2003)، وعشر خرافات عن إسرائيل (2017). وكان أيضًا عضوًا بارزًا في الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، وكان مرشحًا على قائمة الأحزاب في انتخابات الكنيست 1996  و 1999.

مضايقات في كيان الاحتلال

غادر بابي “إسرائيل” في عام 2007 للتوظيف في جامعة إكزتر، بعد أن أدى تأييده لمقاطعة الجامعات الإسرائيلية الي مطالبة رئيس جامعة حيفا باستقالته. معللا بأنه أصبح من الصعب العيش في “إسرائيل” مع وجهات نظره ومعتقداته غير المرحب بها.

وفي مقابلة مع صحيفة قطرية شرح بابي قراره، قائلا: «فقد تم مقاطعتي في جامعتي وكانت هناك محاولات لطردي من وظيفتي.

وإنني أتلقى مكالمات تهديد من أشخاص كل يوم. لا ينظر اليّ كتهديد للمجتمع الإسرائيلي ولكن شعبي يعتقدون أنني إما مجنون أو آرائي غير ذات صلة. ويعتقد الكثير من الإسرائيليين أيضًا أنني أعمل مرتزقًا للعرب».

جدل تيدي كاتز

انخرط بابي في جدل واسع بسبب موضوع دكتوراه  لتادي كاتز التي تناول مجزرة قامت بها القوات الإسرائيلية سنة 1948 في قرية طنطورة، بناء على مقابلات مع سكان عرب من القرية ومع جندي إسرائيلي كان في العملية. أعلن بابي دعمه علنيا لتادي كاتز.

لم يسجل المؤرخون الإسرائيليون أو الفلسطينيون في السابق أي شيء عن هذه المجزرة، وقد وصف ميراف وورمسر بأنها «مذبحة ملفقة»، ولكن وفقًا لبابي: «لقد تم سرد مجزرة طنطورا مسبقًا في وقت مبكر في عام 1950 …

حيث أظهر ذلك محمد نمر الخطيب في مذكراته الخاصة عن حيفا، الذي سجل فيها شهادة فلسطيني بعد أيام قليلة من المجزرة». في ديسمبر من سنة 2000 رفع جنود سابقون من لواء ألكسندروني دعوى قضائية ضد كاتز بتهمة التشهير.

سحب كاتز روايته للأحداث ولكنه رجع عن سحبه لكلامه فيما بعد.

نقح كاتز أطروحته، وعقب المحاكمة، عينت جامعة حيفا لجنة لفحصها، لكن تم إلغاء مشروع بحث كاتز من قبل الجامعة بعد أن تحصلت على درجة 97%. لكن واصل بابي دفاعه عن كاتز وأطروحته.

يعتقد توم سيجيف وآخرون بأن هناك ميزة أو بعض الحقيقة فيما وصفه كاتز.

ووفقًا للمؤرخ الإسرائيلي الجديد بيني موريس: «لا يوجد دليل واضح على وقوع مذبحة واسعة النطاق في طنطورة، لكن جرائم الحرب ارتكبت هناك.»

انتمى للجبهة الديموقراطية للسلام والمساواة وكان المرشح السابع في قائمتها لانتخابات الكنيست عام 1999.

إيلان بابي دعم مقاطعة الاحتلال

في سنة 2005 دعم بابي مقاطعة “إسرائيل” بما في ذلك المقاطعة الأكاديمية، ويفسر بابي دعمه للمقاطعة بأنه يجب الضغط على “إسرائيل” من الخارج كأحسن وسيلة لأنهاء أفظع احتلال عرفه التاريخ الحديث.

وقال: «إن الاحتلال الإسرائيلي هو عملية ديناميكية ويزداد الأمر سوءًا مع مرور كل يوم. تستطيع AUT (جمعية أساتذة الجامعات البريطانية) أن تختار الوقوف إلى جانب عدم القيام بأي شيء، أو أن تكون جزءًا من حركة تاريخية مماثلة للحملة المناهضة للفصل العنصري في جنوب إفريقيا.

وإذا تختار الأخير، يمكن أن تدفعنا إلى الأمام على طول الطريق الوحيد المتبقي الذي سيدوم وغير القابل للعنف لإنقاذ كل من الفلسطينيين والإسرائيليين من كارثة وشيكة».

ويقول في سياق تأكيد المقاطعة: «أؤمن بأن الأشياء ستتغير فقط، إذا تلقت إسرائيل رسالة قوية، مفادها إنه طالما ظلت مستمرة في احتلالها، فلن تكون عضواً شرعياً في المجتمع الدولي، ولن يكون مرحّباً إلى ذلك الحين بالأكاديميين والأطباء والمؤلفين.

مثل تلك المقاطعة فرضت في جنوب إفريقيا، ودامت 21 عاماً، وأفضت إلى إنهاء الأبرتهايد».

إيلان بابي يدعو لمحاكمة “إسرائيل

كما دعا إلى محاكمة إسرائيل «وإذا أصبح ممكناً أن ینتقل سلوك إسرائيل في عام 1948 إلى ساحة المحاكم الدولية؛ فهذا سیوجه رسالة إلى معسكر السلام في إسرائيل مفادها أن المصالحة تستلزم الاعتراف بجرائم الحرب والفظائع الجماعية.

وهذا ما لا يمكن القيام به من الداخل ، حيث إن أي إشارة إلى الطرد أو المذبحة أو التدمير في عام 1948، في الصحافة الإسرائيلية یتم انكارها عادة وتُنسب إلى الكراهية الذاتية والخدمة للعدو في أوقات الحرب. وهذا ما یكون ردة فعل الأوساط الأكاديمية ووسائل الإعلام والنظام التعليمي، فضلا عن الأوساط السياسية.»

نتيجة لذلك دعى رئيس جامعة حيفا آرون بن زئيف، ايلان بابي للاستقالة قائلاً: “من المناسب لمن يدعو إلى مقاطعة جامعته أن يطبق المقاطعة بنفسه”. وقال: “يجب على بابي أن يذهب بمحض إرادته، ولم يتم نبذه، لأن ذلك سيقوض الحرية الأكاديمية.

وفي نفس السنة أطلق بابي المؤتمر الإسرائيلي لحق العودة والذي يدعم حق عودة اللاجئين الفلسطينيين الذين تم تهجيرهم سنة 1948.

في أغسطس 2015، كان بابي من الموقعين على الرسالة التي تنتقد تقرير جويش كرونيكل حول اتهامات جيرمي كوربين بمناهضة السامية.

 


 

 

 

محرر الموقع : 2023 - 10 - 13