مفاوضات إيرانية أمريكية غير مباشرة لاحتواء الحرب في غزة
    

 

 

 

 أنباء حول مفاوضات إيرانية أمريكية غير مباشرة عبر وسطاء إقليميين بعد تهديدات طهران بخروج الوضع في المنطقة عن السيطرة جراء العدوان الإسرائيلي على غزة.

وسرت معلومات حول رسائل تهدئة أمريكية إلى طهران لتخفيف التوتر فيما كشف وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان عن تلقي بلاده رسالتين من الجانب الأميركي بشأن تطورات المنطقة.

وبينما أعلن المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية البنتاغون باتريك رايدر، أن إرسال حاملة الطائرات جيرالد فورد إلى المنطقة “رسالة لإيران وحزب الله اللبناني بأن لا يفكرا في التدخل في المعركة بين إسرائيل وحركة حماس”، تفاجأ الرأي العام الإقليمي بموافقة واشنطن على تمديد الاستثناءات الممنوحة للعراق من العقوبات المرتبطة بالتعامل مع إيران.

مفاوضات إيرانية أمريكية غير مباشرة

في أثناء ذلك، ذكر موقع “واشنطن فري بيكون” أن الولايات المتحدة قد تسمح للعراق بتحويل 10 مليارات دولار من الأصول الإيرانية المجمدة إلى حسابات إيران في أوروبا وعمان، من خلال تمديد إعفاء بغداد من التزام عقوبات طهران.

ويأتي ذلك تزامنا مع احتدام التوتر بين الجانبين الإيراني والأميركي إثر تموضعهما السياسي بشأن تطورات الشرق الأوسط وتزايد الهجمات على القواعد الأميركية في العراق وسوريا.

في حين يقرأ مراقبون إيرانيون زيارة كل من وزير خارجية بلادهم حسين أمير عبد اللهيان ومساعده للشؤون السياسية علي باقري كني -كلا على حدة- إلى جنيف في سياق المفاوضات غير المباشرة مع الجانب الأميركي لاحتواء التوتر في الشرق الأوسط.

وعلمت الجزيرة نت من مصدر مقرب من الخارجية الإيرانية -فضل عدم الكشف عن هويته- أن مفاوضات إيرانية أمريكية غير مباشرة تمضي على قدم وساق منذ الأيام الأولى من اندلاع الحرب على غزة عبر 3 وسطاء إقليميين.

رسائل أميركية

وأضاف المصدر، أن الجانب الأميركي سعى في رسائله لطمأنة طهران بأنه لا يريد توسعة الحرب، ولن يسمح للحكومة الإسرائيلية بتجاوز الخطوط الحمراء في غزة منها القضاء على حركتي حماس والجهاد الإسلامية، وطالب بعدم انخراط طهران في المعركة ونزع فتيل هجمات الحركات المتحالفة معها على قواعده في المنطقة.

وتابع المصدر للجزيرة نت، أن الجمهورية الإسلامية اعتبرت في المقابل وقف العدوان شرطا لمطالبة حلفائها الإقليميين بضبط النفس وعدم مهاجمة الأهداف الأميركية، مضيفا أن طهران طالبت كذلك بخروج القوات الإسرائيلية من غزة ورفع الحصار عن القطاع.

وأكد المصدر ذاته أن “دبلوماسية الرسائل أسهمت إلى حد بعيد في تراجع الدعم الأميركي للكيان الإسرائيلي واحتواء التوتر بين طهران وواشنطن وإبعاد شبح الحرب الإقليمية التي كانت في طريقها لتشعل النار في مناطق واسعة من المنطقة، بدءا من مضيق باب المندب ثم البحرين الأحمر والأبيض المتوسط وصولا إلى فتح العديد من الجبهات بوجه العدو الإسرائيلي”.

ولدى إشارته إلى اعتراف المسؤولين الأميركيين أنه لا دليل على ضلوع إيران في التطورات الأخيرة بالمنطقة، رأى المصدر الإيراني في مشاركة حلفاء طهران، وعلى رأسهم حزب الله اللبناني وجماعة الحوثي في معركة غزة والهجمات الأخرى على الأهداف الأميركية بالمنطقة إنما تعد رسالة واضحة تدل على تماسك محور المقاومة وموقفه من أي عدوان قد يفرض على حلفائه.

احتواء التوتر بسبب العدوان على غزة

في السياق ذاته، كشف الباحث السياسي مهدي شكيبائي، أنه منذ صفقة تبادل السجناء في أغسطس/آب الماضي بين طهران وواشنطن سعت الأخيرة سعيا حثيثا لتحريك المياه في المفاوضات النووية بغية إنقاذ الاتفاق النووي حتى قبيل رئاستها المقررة في 2024.

وفي حديثه للجزيرة نت، أكد شكيبائي أن “الكيان الصهيوني عرقل أكثر من مرة المقاربات النسبية الناجمة عن الامتيازات الأميركية للجانب الإيراني، لا سيما بشأن بيع النفط والإفراج عن الأموال المجمدة”، مضيفا أن تل أبيب ترى في معركة غزة الجارية فرصة للقضاء على أي تقارب محتمل بين إيران وأميركا، بل تسعى من أجل توريط الأخيرة في حرب مع طهران، على حد تعبيره.

ورأى في التمديد الأميركي فترة الاستثناء الممنوحة للعراق من العقوبات المرتبطة بالتعامل مع إيران 4 أشهر إضافية، وذلك في خضم الحرب الإسرائيلية على غزة والتهديدات الإيرانية بفتح جبهات جديدة، إنما رسالة تدل على عدم عزم واشنطن الانصياع للمزاعم الإسرائيلية، وأن دعمها لتل أبيب لن يكون مفتوحا في الحرب على غزة.

شراء الوقت

في غضون ذلك، رأى الباحث الاستراتيجي أبوالفضل فاتح، أن الحرب الإسرائيلية على غزة قد فاقمت التوتر في المنطقة، ورفعت احتمالات توسعة رقعة الحرب، بيد أن سلوك كل من الجمهورية الإسلامية والولايات المتحدة أسهم بالفعل في احتواء التوتر وتراجع احتمالات تحول المعركة إلى حرب شاملة.

وفي مقال له تحت عنوان “لم تعد إسرائيل محصنة” نشره في صحيفة “اعتماد”، رأى أن احتمالات اندلاع معارك متفرقة في المنطقة لا تزال مرتفعة، رغم المساعي التي تبذل لاحتواء التوتر، واصفا أي تطور قد يؤدي إلى توسيع رقعة الحرب بأنه “خطير”.

وأشار الباحث الإيراني، إلى أن تطورات الأحداث في الضفة الغربية وجبهة جنوب لبنان أسهمتا في وضع الكيان الإسرائيلي أمام طريق مسدود إلى جانب ردود الفعل العالمية المنددة بالهجمات الإسرائيلية على غزة.

وفي مقال آخر تحت عنوان “قيامة غزة” نشره في الصحيفة ذاتها، رأى فاتح أن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن يشتري الوقت لصالح إسرائيل، ونصح الباحث الإيراني الدول الإسلامية بعدم وضع الخيار العسكري جانبا، حتى وقف العدوان الإسرائيلي على غزة.

وخلص الباحث نفسه إلى أن أي مواجهة حقيقية بين الجمهورية الإسلامية والولايات المتحدة ستكون مدمرة على الجانبين، وأنها سوف تصب في صالح الكيان الإسرائيلي فسحب، كما حث بلاده على عدم الوقوع في الفخ الإسرائيلي.

 

 

 

محرر الموقع : 2023 - 11 - 18