ممثل المرجعية العليا في اوربا يقول: لو ان منظمة حقوق الانسان العالمية استهدت واسترشدت وعملت برسالة حقوق الانسان للامام زين العابدين (ع) لتحسنت اوضاع العباد في ارجاء البلاد
    

جاء حديثه هذا في خطبة الجمعة في مدينة برمنكهام البريطانية بمناسبة ذكرى شهادة رابع ائمة اهل البيت (ع) الامام زين العابدين (ع)، قائلا: من الوثائق المهمة التي تركتها لنا مدرسة اهل البيت (ع) (رسالة الحقوق للامام زين العابدين (ع))، التي املاها الامام (ع) قبل مئات السنين من تأسيس هذه المنظمات الانسانية في العالم، والتي لو اطلعت عليها هذه المؤسسات واستهدت واسترشدت ببنودها الخمسين ابتداءا من حق العباد وانتهاءا بحقوق اهل الذمة، لما وقعت في المفارقات التي تقع فيها الان في الدفاع عن حقوق المظلومين والمعذبين في السجون بانحاء العالم، لان هذه الوثيقة هي تعتبر اساسا ومنهجا ودستورا متكاملا لعلاج كافة حقوق هؤلاء المحرومين، وملمة بجميع انواع العلاقات الفردية والاجتماعية والسياسية للانسان في هذه الحياة بنحو يحقق للفرد والمجتمع سلامة العلاقات ويجمع لهما عوامل الاستقرار والرقي والازدهار في الحياة. 

ومع احترامنا لهذه المؤسسة رغم مساعيها الحثيثة، لم نلمس من عملها حتى الان ما يثلج الفؤاد، بل يزداد ظلم الظالمين وجبروت المتجبرين يوما بعد يوم وسنة بعد سنة، فلذا نهيب بها وبغيرها من المنظمات ان تراجع ما رسمه لنا الامام (ع) في هذه الوثيقة وتطبقه ليكتب لها النجاح في مهمتها الانسانية، علما بانها قد ترجمت الى اكثر من لغة. 

ثم تعرض سماحته الى ما انصرف اليه الامام السجاد (ع) في المدينة الى العمل على مثلث الاصلاح العام للامة: 

أـ فمن جهة رأى عليه السلام أن الأمة تواجه خطر التمييع الأخلاقي ، والانحراف السلوكي، عبر إشاعة اللهو والفساد حتى في مدينة النبي (ص) فضلا عن سائر المناطق، فقام عليه السلام بتحركه في إيقاظ الضمير الديني وتعميق الايمان في النفوس من خلال الدعوة إلى الاقبال على الله سبحانه، وتعليم الناس كيفية الخطاب معه، بواسطة الدعاء وعلى أثر ذلك خلف ثروة روحية عظيمة ، تمثلت في الصحيفة السجادية (والتي تبلغ هي ومستدركاتها ست صحف)، لم يقتصر تأثيرها على ذلك الجيل بل كان يخط (ع) الأثر في حياة المسلمين إلى يومنا هذا، ولعل نظرة سريعة إلى أدعيته تبين هذا المعنى بوضوح. 

ب ـ ولكيلا تنسى قضية الامام الحسين (ع) التي كانت كما عبرت عنها أم هاني بنت أبي طالب عمة الحسين: 

وإن قتيل الطف من آل هاشم           أذل رقاب المسلمين فذلت 

ولكيلا تتحول إلى أمثولة تمنع الأمة من التحرك والنهضة كما أراد بنو أمية ، فقد أبقى (ع) جذوتها ساخنة حية ، بالتذكير الدائم بها ، وكان في ذلك يفضح جرائم بني أمية ، كما كان يضاعف من تعلق الناس بأهل البيت ويجليهم في أعينهم كقدوات عالية في التضحية والايثار والحفاظ علي الدين . 

ج ـ والخط الثالث الذي عمل عليه الامام كان في تربية العناصرالعلمية الصالحة ، التي تتحول إلى منابر هداية ونور، وفي هذا المجال يتحدث الرواة عن كثرة شرائه للعبيد ، وتربيتهم تحت يده تربية علمية وسلوكية ، ثم تحريرهم لينطلقوا في بلاد المسلمين حاملين الوعي والمعرفة. 

وشهدت حلقات الدرس في مسجد النبي محمد (ص)، ازدهارا في عهده ، بحيث أننا نلاحظ أن أهم فقهاء المسلمين في ذلك العصر كانوا يحضرون دروسه ويتعلمون منه، حتى من لم يكن مصنفا على الدائرة الشيعية القريبة مثل محمد بن شهاب الزهري، وسعيد بن المسيب، فضلا عن مثل القاسم بن محمد بن أبي بكر، وفضلا عن غير هؤلاء من فقهاء أهل البيت مما يعسر عدهم. ومن المعلوم أن ذلك العصر الذي عاش فيه الامام كان عصر منع تدوين الحديث عن رسول الله (ص)، ولكن الامام (ع) لم يخضع لهذه السياسة الخاطئة. 

هذا وفي الجانب الأخلاقي مثل الامام (ع) محور القمة السامقة في العفو والتكرم وخدمة الناس، حتى لقد استأمنه مروان بن الحكم ومواقفه في معاداة أهل البيت (ع) منذ أيام أمير المؤمنين (ع) إلى أيام الحسن والحسين (ع) معروفة، ومع ذلك استأمنه على عياله حين ثار أهل المدينة على يزيد وأخرجوا والي الأمويين منها وأرادوا الانتقام منهم، فكان أن استضافهم الامام في بيته ورجالهم هم الذين عملوا ما عملوا مع أبيه وأهل بيته، ولكن (كل اناء بالذي فيه ينضح). 

وكان الفقراء يعيشون في فضله ، مع ستر حالهم ، حتى إذا مضى إلى ربه ، قالوا ما فقدنا صدقة السر حتى مات زين العابدين(ع) الى ان قضى نحبه مسموما وعلى المشهور بواسطة والي المدينة بامر من الخليفة الاموي. 

وختاما اشاد سماحته بالانتصارات التي حققتها القوات الامنية والحشد الشعبي على الارهاب والارهابيين واهاب بالمؤمنين ان لا ينسوهم في دعائهم لما يقومون به من الدفاع عن الاسلام والمسلمين ومقدساتهم.

محرر الموقع : 2015 - 11 - 06