عادات وتقاليد شهر رمضان في العراق بين الماضي والحاضر
    

 

 

 

مجموعة من العادات والتقاليد تميز شهر رمضان في العراق، منها تراثية لا تزال قائمة حتى اليوم وأخرى طرأت عليها تغييرات، فيما اختفى قسم آخر بمرور الزمن وحلت محله عادات جديدة.

وتشمل العادات والتقاليد الرمضانية في العراق كافة مجالات الحياة اليومية، بدءا من العلاقات الاجتماعية والتكافل الاجتماعي مرورا بالأطباق المميزة حتى اللعب والترفيه ورواية الحكايات والقصص التراثية والتاريخية.

تقول أسماء علي، وهي من بغداد لكنها تعيش منذ سنوات في أربيل بإقليم كردستان العراق، إن أبرز تقليد “لم يعد موجوداً اليوم”، وهو التجمعات العائلية على مائدة الإفطار التي كانت واحدة من ميزات رمضان لعقود ماضية.

اجتماع العائلة

وتضيف : “في الماضي كنا نحن الأخوات والإخوة وعائلاتنا نجتمع كل خميس في رمضان لدى والدتي في البيت، ويجلب كل منا ما أعده من طعام معه ونفطر معا، ثم نتبادل الحديث ونستذكر أيام الطفولة وحكايات الماضي، لكن الآن أصبحت كل عائلة في مكان، داخل وخارج العراق، لذلك من الصعب تحقيق هذا التجمع”.

وترى أسماء أن البازارات الرمضانية التي تنظم خلال شهر رمضان، شكلت بديلاً للتجمعات العائلية، إذ باتت مركزاً لتجمع الناس والتعارف وبناء علاقات جديدة.

تبادل الأطعمة

من التقاليد الرمضانية التي تراجعت في المدن العراقية وباتت شبه محصورة في المناطق الشعبية، تبادل الأطعمة في موعد الفطور بين الجيران والأقارب.

تضيف علي “هذا التقليد متوارث منذ القدم، والهدف منه تعزيز روح المشاركة بين الناس ويزيد من روحانية رمضان”.

المسحراتي

ورغم التطور التكنولوجي، إلا أن “المسحرجي” أو “المسحراتي” ما زال محتفظاً بمكانته ومهمته في إ]قاظ النائمين على السحور، عن طريق الدق على الطبلة التي يحملها معه متجولا في الشوارع والأزقة.

هذا التقليد منتشر في مدن العراق بشكل واسع، وبعض المسحراتية صاروا يستخدمون دراجات نارية للتنقل بين الأحياء بدلاً من السير على الأقدام، نظراً للتوسع العمراني.

أما الألعاب الرمضانية، فلها حصة الأسد في ليالي رمضان العراقية، إذ تتحول المقاهي الشعبية والحدائق العامة وحتى حدائق عدد من المنازل إلى ساحات لممارسة مجموعة من الألعاب وتشجيع اللاعبين، مثل “المحيبس” و”الصينية” و”الطاقية”.

هذه الألعاب، ينظمها سنوياً قبل حلول رمضان بأسبوع، الناشط المدني من أربيل، شاخوان صباح، يقول : “مازلنا متمسكين بممارسة الألعاب الرمضانية التقليدية سنويا في أربيل، التي تتم بمشاركة أبناء كافة المحافظات العراقية، ونسعى للحفاظ على هذا الألعاب وحمايتها من الزوال، لأنها جزء رئيس من هوية التراث الرمضاني العراقي الذي تعلمناه من آبائنا وتعودنا عليه”.

يوم قريش

من التقاليد الأخرى، هو “يوم قريش”، بحسب سعد شريف طاهر، المتخصص بتاريخ محافظة البصرة بشكل عام وقضاء الزبير خاصة.

يوضح في حديث له: “يوم قريش هو آخر يوم في شهر شعبان، تجتمع فيه نسوة الفريج (نسوة البيوت المتقاربة في الزقاق الواحد) في إحدى البيوت وكل واحدة منهن تجلب معها ما طبخت، ويبدأن الأكل بشراهة في أجواء من الضحك، لأنها آخر وجبة غداء قبل رمضان، ويسمى بيوم قريش لأن النسوة يقرشن الطعام قرشاً”.

الدزة

يستذكر طاهر أن العوائل الغنية في ناحية سفوان التابعة للبصرة كانت تغدق على العائلات الفقيرة بالمال قبل رمضان، في تقليد معروف بين سكان سفوان بـ”الدزّة”، لكنه تلاشى منذ  سبعينيات القرن الماضي.

ويشير إلى تقليد آخر شمل مدناً عدة لكنه كان مشهورا في الزبير، يقوم فيه ميسورو الحال والمخاتير بتأمين الطعام للعائلات الفقيرة، حيث كان الواحد منهم يضع الطعام أمام باب العائلة الفقيرة، يدق الباب، ثم ينسحب كي لا يتعرف عليه صاحب البيت.

القرقيعان

أما “القرقيعان”، فلا يزال حاضراً في بعض مناطق العراق واختفى من آخر، كما يُحتفى به في دول الخليج العربي.

يشرح طاهر: “مع حلول ليلة النصف من رمضان كان الأطفال يحملون أكياسا معهم ويمرون على بيوت الحي ويهزجون بشكل جماعي بأصوات عالية أهزوجة (قرقيعان وقرقيعان بيت قصير ورميضان. عطونا الله يعطيكم. بيت مكة يوديكم. يا مكة يا معمورة يا أم السلاسل والذهب يا نورا)، وتوزع عليهم البيوت في المقابل الحلويات”.

 

 

 

محرر الموقع : 2024 - 03 - 16