جوازات السفر الدبلوماسية.. دعوات لسحبها من “غير المستحقين”
    

 

 

 

بعدما أثير الجدل خلال السنوات الماضية حول جوازات السفر الدبلوماسية العراقية ومن يستحق حملها، تعالت الأصوات الحقوقية بضرورة سحبها من غير المستحقين في إطار القوانين النافذة.

ويعتبر الجواز الدبلوماسي المعمول به منذ أكثر ستة عقود والذي أُقر ضمن “اتفاقية فيينا” عام 1961 من الوثائق التي تصدرها البلدان والتي تمنح للبعثات الدبلوماسية والجهات التنفيذية العليا وأعضاء البرلمان لتسهيل عملهم الدبلوماسي أثناء تنقلهم في البلدان.

وتنظم البلدان قوانين توضح آلية منح الجواز ومنها العراق حيث تم تشريع قانون رقم 32 عام 2015 وتم إصدار التعليمات الخاصة بمنح الجواز الدبلوماسي والخاص والعادي الممنوح لعامة المواطنين، فيما تم تحديد الجهات التي لها حق اقتناء هذا الجواز والجهات التي تصدر الجواز ممثلاً بوزارة الداخلية بطلب من بعض الجهات من ضمنها وزارة الخارجية.

لكن في الأعوام التي أعقبت عام 2003 زاد عدد حاملي الجواز الدبلوماسي في العراق مع تزايد عدد أعضاء البرلمان في دوراته الخمس، ومنحه لموظفي الجهات التنفيذية والقضائية في الحكومة الاتحادية أو حكومة إقليم كردستان والذين يسمح لهم القانون باقتناء الجواز الدبلوماسي، إضافة إلى بعض الاستثناءات التي تمنحها الجهات الحكومية.

4000 جواز دبلوماسي في عام واحد

أثير الجدل خلال السنوات الماضية في مجلس النواب العراقي حول الاستثناءات التي مُنحت لبعض الشخصيات من ضمنهم فنانون وعارضات أزياء وبعض الشخصيات الأخرى التي لم يحددها القانون العراقي.

وأكدت لجنة العلاقات الخارجية النيابية أنها ستتابع موضوع الجوازات الدبلوماسية الممنوحة، مشددة على “ضرورة سحبها من غير المستحقين باعتبار ذلك وجهاً من أوجه الفساد”.

10 آلاف جواز من خارج السلك الدبلوماسي

وكشفت لجنة النزاهة النيابية في العراق عام 2023 عن إصدار 32 ألف جواز دبلوماسي بينها 10 آلاف جواز لأشخاص ليسوا من السلك الدبلوماسي ولا موظفين بوزارة الخارجية. وقالت عضو اللجنة سروة عبد الواحد إنها رفعت دعوى في محكمة الكرخ في هذا الشأن، مما دعا رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني الطلب من وزارة الخارجية إلى تشكيل لجنة لمراجعة جوازات السفر الدبلوماسية.

وأصدرت وزارة الداخلية العراقية أكثر من 4000 جواز سفر دبلوماسي في عام واحد وفقاً لتقرير الوزارة عام 2022. ويمنح الجواز الدبلوماسي حامله بعض المزايا منها الدخول عبر بوابات كبار الشخصيات ودخول بعض البلدان من دون تأشيرة أو رسوم، فضلاً عن الاستثناء من الضرائب المفروضة على بعض البضائع.

جواز السفر العراقي يحتل المرتبة 104 عالمياً

ويحتل جواز السفر العراقي عام 2024 المرتبة 104 عالمياً وفقاً لمؤشر “غايد” لترتيب جواز السفر، مستنداً إلى حرية التنقل العالمي الذي يتيحه جواز سفر العراق لحامليه، والذين يمكنهم السفر من دون تأشيرة إلى 30 دولة على مستوى العالم، في حين أنهم يحتاجون إلى تأشيرة مسبقة قبل السفر إلى 156 دولة.

“قانون الجوازات بحاجة لتعديل”

وأوضح المختص القانوني علي اللامي أن قانون الجوازات في العراق بحاجة إلى “مراجعة”.

وقال إن “قانون الجوازات العراقي رقم 32 لعام 2015 يتكون من 23 مادة نصت على وجود أربعة أنواع من الجوازات هي الجواز الدبلوماسي والخاص وجواز الخدمة والعادي وهناك تعليمات صدرت عام 2011 حددت جوازات الخدمة لأصحاب الدرجات الخاصة وموظفي السلك الدبلوماسي والمتقاعدين من رتبة عميد فما فوق”.

ووفق اللامي، “سمحت هذه التعليمات للمتقاعدين من الخدمة وأزواجهم وأولادهم ومن يعيلهم قانونياً الاحتفاظ بالجواز، وأعطت الصلاحية لوزير الداخلية منح الجواز الدبلوماسي لرئيس الجمهورية ومستشاريه وموظفي السلك الدبلوماسي والمحافظين بما يتماشى مع المصلحة العامة”.

ولفت المختص القانوني إلى أن الجواز الدبلوماسي يمنح إلى 1000 شخص من بين 100 ألف، وفق تقارير الأمم المتحدة واتفاقية فيينا عام 1961، فمثلاً في اليابان هناك 15 ألف جواز دبلوماسي ويبلغ إجمالي السكان 250 مليوناً، مشدداً على “ضرورة مراجعة قانون جوازات السفر العراقي، فالمشكلة ليست بالقانون ولكن التعليمات التي صدرت بالقانون، فلا يمكن منح الجواز الدبلوماسي لكل شخص فبعض الدول تعطي الاستثناءات لبعض الفئات منهم الكتاب والمفكرون والذين لديهم براءة الاختراع لتسهيل الدخول وتخفيف تكاليف السفر”.

وأضاف، “الدول تتحفظ على منح الجواز الدبلوماسي وجواز الخدمة لأي شخص ولذلك القانون بحاجة إلى تعديل من أجل منح الجواز الدبلوماسي والخدمة والخاص لمن يستحقهم ولا يمنح لعوائلهم لأنه يخالف اتفاقية فيينا”.

مخالفة القوانين الدولية

وفي سياق متصل، قال مدير مركز العراق للدراسات الاستراتيجية غازي فيصل إن الجواز الدبلوماسي يمنح لمسؤولي الدولة وأعضاء السلك الدبلوماسي ليوفر لهم الحصانة أثناء عملهم، مشيراً إلى  أن منح الجواز لغير هذه الفئات “مخالفة” للقوانين الدولية والعراقية.

وأضاف فيصل الذي كان يشغل منصب سفير سابق، “جواز السفر الدبلوماسي يمنح للدبلوماسيين في وزارة الخارجية والوزراء ومسؤولي الدولة ولأعضاء مجلس النواب ورئيس الوزراء ورئيس الجمهورية ورئيس الاقليم”.

ولفت إلى أن الهدف من منح الجواز الدبلوماسي هو توفير الحماية الدبلوماسية وفق اتفاقية فيينا عام 1961 التي تضمن الحصانة للدبلوماسيين حاملي الجوازات ويتمتع بالحصانات المالية والحق بشراء أجهزة ومعدات وأي حاجات أساسية من الأسواق الخاصة والعامة، حيث تحذف الضريبة كونه يحمل الجواز الدبلوماسي، وهناك أسواق خاصة يشتري منها الدبلوماسي مباشرة من دون أن يدفع ضريبة.

وأوضح فيصل أن الجواز الدبلوماسي يوفر لحامله الحصانة أمام القضاء في تلك الدولة ولا يخضع للعقوبات وتوفر للدبلوماسي عدم إحالته للعدالة إلا بنزع الحصانة عنه من قبل البلد الذي ينتمي إليه وبعد تقديم البلد الوثائق التي تثبت جرمه.

الجواز “لا يوفر الحصانة”

من يحمل جواز سفر دبلوماسياً وليس في بعثة وإنما يزور بلداً ما زيارة شخصية لا يضمن له هذا الجواز الحصانة أثناء تنقله السياحي كما هو في حال عمله في البعثة الدبلوماسية، بحسب فيصل، الذي أوضح أن شروط منح جواز السفر الدبلوماسي يكون فقط للدبلوماسيين والموظفين الكبار بالدولة، ويمنح من قبل رئيس الوزراء ووزير الخارجية بناء على إجراءات رسمية ومفاتحات من قبل رئيس الوزراء يقوم بها وزير الخارجية من جانبه بمفاتحة دائرة الجوازات لإصدار جواز السفر.

وأشار إلى أن السلطات أصدرت أخيراً نحو 45 ألف جواز دبلوماسي وهذا الحجم الكبير لا يتناسب مع عدد موظفي وزارة الخارجية أو أعضاء مجلس النواب خلال الدورات الأربع السابقة وعوائلهم.

وقال مدير مركز العراق للدراسات الاستراتيجية، “هناك من يحمل جواز سفر دبلوماسياً ويعمل بائع سجاد في إسطنبول كما نشرت إحدى التقارير، موضحاً أن جواز السفر الدبلوماسي لا يمنح لهذه الفئات ومنحه لغير مستحقه غير مقبول وانتهاك للقانون الدولي والعراقي”.

المصدر: إندبندنت عربية

 

 

 

محرر الموقع : 2024 - 04 - 12