البنوك العربية في العراق: أرباح فلكية على حساب مصارف محلية ضعيفة
    

 

 

 

 يشهد العراق مؤخرًا ظاهرة مثيرة للجدل، تتمثل في تحقيق “البنوك العربية” العاملة في البلاد لأرباح “فلكية” تقدر بمئات الملايين من الدولارات، بينما تعاني المصارف العراقية من ضعف شديد، بل ووصل بعضها إلى الإفلاس، بينما واجهت أخرى قيودًا على عملها. فما هي القصة وراء هذه الظاهرة؟.

بدأت القصة مع تشديدات “الفيدرالي الأمريكي” على ضوابط حركة الدولار العراقي، فبعد إلغاء “مزاد الدولار” واعتماد “المنصة الإلكترونية”، اتضح حجم الخلل في هيكلية ونظام عمل المصارف العراقية، فلم تتمكن هذه المصارف من مواكبة التطورات السريعة والتكيّف مع ضوابط التعامل مع الدولار، مما أدى إلى كشف عيوبها وضعفها.

ويقول الخبير الاقتصادي زياد الهاشمي ان هذا الخلل الكبير في المصارف العراقية، والذي يتحمل “المركزي العراقي” جزءًا من مسؤوليته، فتح المجال واسعًا أمام “المصارف العربية” للسيطرة على السوق وتحقيق مكاسب كبيرة، حيث استغلت هذه المصارف ضعف منافسيها العراقيين من خلال تكييف عملياتها ورفع مستوى امتثالها للضوابط الدولية و الاستفادة من تصنيف بنوكها الأم الائتماني الدولي وشبكة بنوك المراسلة الدولية والقيام بعمليات الحوالات الخارجية بسرعة وكفاءة أكبر.

ونتيجة لهذه العوامل، تمكنت “المصارف العربية” من الاستحواذ على “حصة الأسد” من “حوالات الدولار الخارجية” (سواء بيضاء أو سوداء)، محققة أرباحًا فلكية تقدر بمئات الملايين من الدولارات، بينما اقتصرت أرباح المصارف العراقية على مبالغ ضئيلة.

ويُدرك “المركزي العراقي” جيدًا نقاط قوة “المصارف العربية”، لكنه لا يملك القدرة على فعل أي شيء. فهو ملزم ببيع وتحويل أكبر قدر ممكن من الدولار للحصول على الدينار العراقي لتمويل الخزانة العامة للدولة، بغض النظر عن هوية المصرف الذي يقوم بالتحويل.

ويقول الهاشمي ان  “المركزي العراقي” يواجه معضلة حقيقية، فهو لا يستطيع منع أو تقييد عمل “المصارف العربية” طالما أنها تساهم في عمليات التحويل وتوفير الدينار  ولا يستطيع الاعتماد على “المصارف العراقية” في عمليات التحويل وتوفير الدينار بسبب ضعفها وقلة ارتباطها ببنوك مراسلة خارجية.

ومعالجة هذا الخلل وتحقيق التوازن والعدالة في العمل المصرفي يتطلب خطوات جادة من قبل “المركزي العراقي” والمصارف العراقية في تنظيم وحوكمة العمل المصرفي و هيكلة وتحديث المصارف العراقية ورفع مستوى خدماتها.

ويبدو أن تحقيق هذه الإصلاحات سيستغرق وقتًا طويلاً، نظرًا للأداء الحالي “للمركزي العراقي” و “المصارف العراقية”. وحتى ذلك الحين، ستستمر “المصارف العربية” في هيمنتها على السوق، محققة المزيد من الأرباح وتوسيع نطاق خدماتها، بل وربما الاستحواذ على بعض “المصارف العراقية” المتعثرة، مما يزيد من حصتها في “القطاع المصرفي العراقي”، وفق توقعات الهاشمي.

 

 

 

 

محرر الموقع : 2024 - 05 - 06