عاشوراء، موسم الثورة ومحطة تجديد العهد مع الشهداء
    


عظم الله اجورنا واجوركم بمصابنا بالامام الحسين عليه السلام

سجن المواطنين وتعذيبهم والتنكيل بالاحرار ليست سياسة جديدة لدى الخليفيين. فقد مارسوها بحق الشرفاء من ابناء الوطن طوال عهدهم، فلم يسلم منهم مواطن اصيل، شيعيا كان ام سنيا. فهم يسجنون عبد العزيز الشملان ومعه عبد علي العليوات، ويعذبون الشيخ محمد حبيب المقداد كما يعذبون ابراهيم شريف. فالحكم الظالم ليس له دين او مذهب. وهكذا كان حكام الجور ماضيا وحاضرا. فالمنصور العباسي الذي اغتال الامام الصادق عليه السلام بالسم، هو نفسه الذي عذب الامام أبا حنيفة في السجن حتى الموت. والمناضلون الشرفاء هم الذين ينطلقون باسم الله ومن اجل الحرية وكرامة الانسان، بدون تفريق او تمييز بين البشر. فما دام الله قد خلق الناس سواسية، فمن يملك الحق في التمييز بينهم؟ ومن الذي اعطى الخليفي حق الحكم والقضاء وحرم غيره منها؟ أية شرعة منحت خليفة بن سلمان حق التسلط على رقاب الناس 43 عاما؟ لماذا يكون خليفة بن احمد وزير الخارجية ولا يكون مواطن سني او شيعي في ذلك المنصب؟ الخليفيون مارسوا التضليل على اوسع نطاق، وانفقوا الاموال على الابواق التي تسعى لاقناع المواطنين الاصليين من السنة بان الخليفيين يراعونهم ويمنحونهم حقوقهم، ولكن العقلاء من السنة يعرفون انهم يعاملون بطريقة تختلف عن معاملة الخليفيين، وان المواطنين الاصليين من الشيعة مضطهدون مثلهم، عاشوا معا في السراء والضراء، وسجنوا وعذبوا ونفوا من البلاد وحرموا من حقوقهم السياسية المشروعة.

اليوم يقف الشعب جميعه مظلوما على ايدي الطغمة الخليفية التي لا تعترف بحق الشيعي او السني ان يطالب بحقه في تقرير مصيره او اختيار الحكم الذي يريد. وقد انفق الطاغية وجلادوه اموال الشعب التي نهبوها لشراء الضمائر والذمم، فاستطاعوا استمالة بطانة فاسدة من الشيعة والسنة يعمل افرادها عبيدا لديهم، ويقدمون شهادات الزور في مقابل حفنة من المال او منصب وضيع في الدولة. ان بلدا يبيعه المتسلطون على شؤونه للاجنبي، ويستقدمون قوات الاحتلال المتعددة الجنسية، لا يمكن ان يتصالح مع جلاديه ومنتهكي كرامته وسيادته. ولذلك لن يكون مستقبل البحرين كماضيها بعد اليوم، خصوصا بعد ازهق العدو الخليفي ارواح المواطنين ومزق شمل الشعب الذي عاشت اجياله متآخية متعاونة، بفرض المشروع الطائفي لمنع تبلور وحدة وطنية فاعلة تؤهل الشعب لاسترجاع حقوقه التي سلبها المحتل الخليفي والسعودي. ان الانتماء لهذا المذهب او ذاك يجب ان لا يؤثر على الموقف الوطني التحرري، فالدين والوطن جمعا الشعب ووفرا له هوية ثابتة وواضحة، اما الخصوصية المذهبية فهي حق متاح لكل مواطن، وميزة قادرة على اثراء الفكر والعقل والمنطق، اذا تم استيعابها ضمن اطرها المحددة.

ونظرا لعمق الوعي لدى بعض قطاعات الشعب التي استطاعت تجاوز المشروع الطائفي الذي فرضه الخليفيون بالقوة والمال والتضليل، فقد قررت مقاطعة الانتخابات المظهرية التي تهدف لتوفير شرعية لنظام يحكم بلا شرعية دستورية او شعبية. المقاطعة حققت هدفها اعلانها، فقد كان القرار موجعا للخليفيين وداعميهم، فاندفعوا جميعا لاقناع سفراء بعض الدول الغربية لتوقيع بيان يطالبون فيه بالمشاركة في انتخابات اثبتت تجربة الاثني عشر عاما الاخيرة فشل ما تمخض عنها من مجالس صورية استخدمها الطاغية لاقرار قراراته الظالمة. فقد انجزت تلك التحربة قوانين التجمعات والصحافة والارهاب، وجميعها حظيت بانتقادات لاذعة من المنظمات الدولية لانها لا تتماشى مع المعايير الدولية للحكم الديمقراطي العادل. ولو لم يكن من ثمار الثورة المباركة الا افشال المشروع الذي يعتبره الخليفيون مصدر شرعيتهم الوحيد، لكانت ثورة مظفرة بكل المعايير. فقد اختلفت قطاعات الشعب في السابق حين قرر بعضها المشاركة في الانتخابات الصورية التي شرعت لتكون مصيدة للشعب وممثليه. ولكن شاء الله خيرا لهذا الشعب فتضافرت الظروف لتقطع الطريق على محاولات التطبيع مع المحتل الخليفي والسعودية، وقال الجميع بكلمة واحدة لهما: لا شرعية لكما، ولن نكون شهداء زور بالمشاركة في انتخابات صورية  في ظل احتلال غاشم. ولم يسجل التاريخ ان اصلاحا سياسيا داخليا حدث في ظل احتلال من جيوش خارجية. والاصرار على المشاركة في الانتخابات الخليفية تأكيد لغياب الاصلاح جملة وتفصيلا. والاصلاح ليس ما يدعيه النظام الحاكم في اي بلد بل ما تقتنع الجماهير بوجوده. وفي البحرين ثمة اجماع على فساد الحكم الخليفي وفشله في القيام باي اصلاح ذي شأن. فبرغم تواضع التوصيات التي اصدرتها جهات عديدة وطلبت من العصابة الخليفية تنفيذها على مدى السنوات الثلاث الماضية فقد رفض الخليفيون تنفيذها.  ومنها توصيات لجنة تقصي الحقائق برئاسة شريف بسيوني، ومجلس حقوق الانسان الذي قدم 176 توصية، والبرلمان الاوروبي الذي قدم توصياته قبل عامين، وتوصيات لجنة العلاقات الخارجية بالبرلمان الاوروبي العام الماضي.

في ظل حكم استبدادي ديكتاتوري قمعي ما جدوى المشاركة في انتخابات تفرض على الشعب وكأن شيئا لم يكن؟ فهناك اكثر من 3000 آلاف سجين سياسي تطالب كافة المنظمات الحقوقية الدولية بالافراج عنهم، وهناك القادة الثلاثة عشر الذين اصبحت المطالبة باطلاق سراحهم مطلبا عالميا، وهناك عشرات المعذبين الذين تطالب المنظمات العالمية بمحاكمتهم بتهمة التعذيب التي تعتبر من الجرائم ضد الانسانية، وهناك السيطرة الشمولية من العائلة الحاكمة على الشعب والوطن خارج اطار القانون الذي ينسجم مع المعايير الدولية. وهناك رئيس الوزراء الذي قضى 43 عاما في منصبه. وهناك سيطرة الطاغية على السلطات الثلاث التي تعمل معا بدون رقابة او محاسبة او فصل في ما بينها. كما ان هناك العقبة الاساسية بين الطرفين: الشعب والعصابة الحاكمة، متمثلة بالدستور الخليفي الذي فرضه الطاغية في 2002 من طرف واحد. لذلك حدثت ثورة الشعب المظفرة في 14 فبراير 2011  تعبيرا عن غضب شعبي مختزن منذ عقود. جاء الانفجار هذه المرة شاملا وحاسما، يطالب باسقاط الحكم الخليفي مرة واحدة الى الابد. وهو مطلب مشروع بتماشى مع المنظومة الديمقراطية التي تسود اغلب بلدان العالم، ولانه منسجم مع روح التوصيات المذكورة، ولانه يحظى باجماع شعبي. ولذلك اصبحت المطالبة بالمشاركة في الانتخابات الخليفية متعارضة مع الواقع السياسي والنفسي السائد في البلاد. وستكشف الايام المقبلة حيث يحيي شعب البحرين موسم عاشوراء، ان الشعب البحراني الذي امتزجت في دمه ملحمة كربلاء بشخوصها ورسالتها وتفصيلاتها، اصبح يعيش فصولها يوميا، فيرى في الحكم الخليفي نسخة من الحكم الاموي الذي حول الخلافة الاسلامية الى ملك توارثي عضوض، ويرى في الجلاوزة الذين يهدمون المساجد وينتهكون الحرمات ويقتلون الابرياء وينكلون بالعلماء، امتدادا للجيش الاموي الذي قتل وعذب وسبى النساء واستهدف صحابة رسول الله. يرى هذا الشعب في الايدي التي تمتد يوميا لنزع معالم الاحتفاء بالموسم من ملصقات ثورية ومظاهر حزينة كالسواد والمآتم، تجسيدا لفساد الحكم وطغيان الحاكم. موسم عاشوراء تحول الى مدرسة لاعداد الثوار، ومحطة للتزود بوقود التصدي للظلم والاستبداد والحكم القبلي المطلق. سيعلن الشعب تشبثه بملحمة كربلاء وشعاراتها التي تؤكد وجوب التصدي للطغيان والظلم، وسيرفع شعاراته المطالبة بسقوط الحكم اليزيدي وداعميه. وسيرى في العناصر التي تلتحق بالنظام تكرارا لتجربتي سيدي شباب اهل الجنة، ومنها عبيد الله بن  عباس الذي خان الامام الحسن وانحاز لمعاوية. مع ذلك سيصمد الشعب وسيواصل ثورته ويستقي من عاشوراء ما يشد أزره ويعمق ثقته بحتمية النصر الالهي الموعود (وكان حقا علينا نصر المؤمنين).

اللهم ارحم شهداءنا الابرار، واجعل لهم قدم صدق عندك، وفك قيد أسرانا يا رب العالمين

حركة احرار البحرين الاسلامية

محرر الموقع : 2014 - 10 - 24