تجريم حرق المصحف في الدنمارك.. استجابة منطقية لقطع الطريق على مثيري المشكلات بين كوبنهاغن والعالم الإسلامي
    

 

 

 

مع تكرار عمليات حرق القرآن الكريم وتسببها بحالة غضب بين المسلمين حول العالم، قدمت دولة الدنمارك مشروع قانون لحظر هذه الجريمة، وقطع الطريق على مثيري هذه الحوادث المتطرفة.

وجاء المشروع الدنماركي بعد سلسلة من الأحداث التي شهدتها البلاد والسويد أيضاً، ودعوات ممامثلة في دول أوروبية، خلال السنوات الماضية، لحرق القرآن الكريم في الأماكن العامة، ما أثار استياء المسلمين وغضبهم داخل البلاد وخارجها.

وخلال يوليو الماضي، أقدمت مجموعة دنماركية يمينية متطرفة مناهضة للإسلام تسمي نفسها “Danske Patrioter” (الوطنيين الدنماركيين)، على حرق نسخة من القرآن الكريم أمام السفارة العراقية في كوبنهاغن.

وفي أكثر من مناسبة أقدم راسموس بالودان، وهو متطرف سويدي – دنماركي، على حرق نسخة من القرآن أمام جامع في العاصمة الدنماركية، ما أثار ردود فعل عربية وإسلامية غاضبة رسمياً وشعبياً.

أهمية القانون

ويهدف مشروع القانون إلى الحفاظ على السلام الاجتماعي من خلال منع الأفعال التي قد تؤدي إلى تصاعد التوترات والاحتقان داخل البلاد، واحترام الأقليات الدينية.

كما يعكس هذا المشروع التزام الحكومة الدنماركية بضمان حقوق الأقليات الدينية واحترام مشاعرهم، إلى جانب إيصال رسالة للمسلمين حول العالم تتعلق بمنعها التعدي على القرآن الكريم، ومعاقبة المعتدين بالسجن والغرامات المالية.

وجاء إعلان مشروع القانون خلال تصريحات أدلى بها وزير العدل الدنماركي بيتر هاميلغارد، لصحيفة “إكسترا بلاديت” المحلية، الجمعة 25 أغسطس الجاري.

وأشار هاميلغارد إلى أن “هذا المشروع القانوني يهدف إلى منع المعاملات غير اللائقة والتجاوزات تجاه الأشياء ذات الأهمية الدينية الكبيرة، ومن بينها القرآن الكريم، وذلك في الأماكن العامة”.

وأوضح أن هذا الإجراء “سيشمل عمليات التدنيس والحرق، وأي أعمال تجاوز تتعرض لها هذه الكتب الدينية”.

وشدد على أنه وفقاً للمشروع ستتم معاقبة أي شخص يحرق الكتب الدينية بعقوبة السجن لمدة تصل إلى عامين، موضحاً أن “هذا الإجراء يأتي استناداً إلى الاعتبارات الثقافية والدينية، ويهدف إلى حماية القيم الدينية والثقافية للمجتمع”.

وسبق تقديم القانون تأكيد من الحكومة الدنماركية، في يونيو الماضي، أنها ستبحث منع حوادث حرق نسخ من القرآن الكريم، والأفعال الأخرى التي تتم فيها “إهانة البلدان والثقافات والأديان”.

استجابة منطقية

الباحث والخبير في الشؤون الأوروبية والدولية حسام شاكر يرى أن المشروع الدنماركي “استجابة منطقية لقطع الطريق على مثيري المشكلات بين الدنمارك والعالم الإسلامي”.

ويضيف: “جاء تقديم المشروع من قبل الحكومة الدنماركية بهدف وقف استفزاز المسلمين في مقدساتهم، ومراجعة الحكومة لموقفها، خاصة مع وجود برنامج متطرف يقف خلف تلك الخطوات المتطرفة، والتي تهدف إلى زج تلك الدول، وتحديداً الدنمارك، في أزمات متلاحقة مع دول العالم الإسلامي، وخاصة تركيا”.

واعتبر شاكر المشروع الدنماركي بأنه “استجابة منطقية جداً من قبل الحكومة الدنماركية، خاصة أنه سيكون مختصاً بالإساءات المغلظة التي تجري للمقدسات الإسلامية”، لكنه استدرك بأن “المشروع يأتي متأخراً جداً، ولكنه يعبر عن إدراك التحدي الذي تواجه الدنمارك”.

وحول السويد يبين أن “التركيبة السياسية لا تسمح بطرح مثل القانون الدنماركي؛ بسبب هيمنة المناهضين للمسلمين على الإيقاع السياسي فيها، ولكن المشروع الدنماركي سيكون خطوة مشجعة لقيام بعض الدول المجاورة لها بإجراءات مماثلة”.

وإلى جانب شاكر، اعتبر المدير العام لمجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية، نهاد عوض، أن “مشروع القانون السويدي مرحب به رغم أنه جاء متأخراً”.

ويقول عوض: “مشروع القانون يحارب أعمال الكراهية التي تفتت لحمة المجتمع وتهدد أمنه المحلي والدولي”.

ويوضح أن “الأقليات المسلمة في الدول الأوروبية مطلوب منها تطوير أدائها السياسي الاجتماعي بطريقة أقوى لبناء علاقات و تأثير ايجابي في مجتمعاتها”.

الجهود الخليجية

بعد كل حادث لإحراق القرآن الكريم في الدنمارك والسويد تتحرك دول الخليج رسمياً وشعبياً لمواجهة حوادث المتطرفين على أكثر من صعيد.

واتخذت دول الخليج أشكالاً متعددة من مواجهة المتطرفين، تتضمن الدبلوماسية والحوار والدعوة إلى الاحترام المتبادل للمقدسات، إلى جانب حملات المقاطعة الشعبية.

كما عقدت دول الخليج لقاءات دبلوماسية مع الدنمارك والسويد ودول أوروبية أخرى؛ بهدف إدانة حوادث حرق القرآن الكريم، وتسليط الضوء على أهمية احترام القيم والمعتقدات الدينية.

ودبلوماسياً، اعتمد مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، في يوليو الماضي، مشروع قرار يدين الكراهية الدينية، قدمته منظمة التعاون الإسلامي (مقرها السعودية)، وساهمت الكويت في إعداده، وذلك بعد حادثة حرق نسخة من المصحف في السويد وتكرارها سابقاً.

وشعبياً ينفذ الخليجيون حملات عبر مواقع التواصل الاجتماعي نصرة للقرآن الكريم، وأخرى تدعو لمقاطعة الدول التي يتم فيها حرقه.

وكانت الكويت من أوائل الدول التي سارعت إلى الاستجابة للمطالبات الشعبية بمقاطعة المنتجات السويدية، بسبب حرق أحد المتطرفين للمصحف الشريف، في يونيو الماضي، واتخاذ خطوات تجبر أي دولة على احترام مشاعر المسلمين إزاء انتهاك حرمة المصحف أو الإسلام.

ووافق مجلس الأمة الكويتي (11 يوليو)، على عدد من التوصيات قدمها مجموعة من النواب تعبيراً عن مطالب أنصارهم، بشأن تداعيات حرق القرآن الكريم في السويد، ولمنع تكرار مثل هذا الفعل الشنيع.

وفي 11 يوليو الماضي، أقرت الحكومة الكويتية طباعة 100 ألف نسخة من القرآن الكريم مترجمة إلى اللغة السويدية؛ في إطار “تأكيد سماحة الدين الإسلامي ونشر القيم الإسلامية والتعايش بين البشر جميعاً”.

المصدر: الخلیج أونلاین

 

 

 

محرر الموقع : 2023 - 08 - 26