مؤسسة الامام علي (ع) - لندن، ومركز الارتباط بسماحة اية الله العظمى السيد السيستاني(دام ظله) تؤبن قامة من قامات العلم وجهبذا من جهابذة التتبع والتحقيق وعلما من اعلام الدين العلامة الكبير والمحقق الخبير السيد محمد مهدي الموسوي الخرسان تغمده الباري بواسع رحم
    

 

 

 

مؤسسة الامام علي (ع) - لندن، ومركز الارتباط بسماحة اية الله العظمى السيد السيستاني(دام ظله) تؤبن قامة من قامات العلم وجهبذا من جهابذة التتبع والتحقيق وعلما من اعلام الدين العلامة الكبير والمحقق الخبير السيد محمد مهدي الموسوي الخرسان تغمده الباري بواسع رحمته وصاعد بروحه إلى أعالي جنانه

 

وإليكم نص التأبين

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين
والصلاة والسلام على خير خلقه محمد وآله الطاهرين
قال تعالى في محكم كتابه المجيد ( من المؤمنين رجال صدقوا ماعاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدّلوا تبديلا) صدق الله العلي العظيم.
بمزيد من الأسىٰ والأسف فقدت المعاهد العلمية ومراكز البحث والتحقيق في التراث الاسلامي وطلابها قامة شامخة من قامات العلم وجهبذاً من جهابذة التتبع والتحقيق وعلماً من أعلام الدين، العلامة الكبير والمحقق الخبير السيد محمد مهدي الموسوي آل الخرسان، الذي أفنىٰ عمره في الدراسات العلمية والبحوث الدينية بمختلف ميادينها، متحملاً شظف العيش وقساوة الحرمان والظلم والطغيان من طواغيت الزمان، ليرفد المكتبة الاسلامية بما يسدّ ثغراتها بالمؤلفات والبحوث القيّمة والآراء الصائبة والأفكار النيّرة، وبذلك يكون قد آثر هداه على هواه، فكم من معاصر له اختار رفاهية العيش والراحة والدعة عاملاً لدنياه، غير آبه بما يصيب المذهب والدين من شبهات وتشويش وتحريف، لكنه كان من الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه فضحّىٰ بنعيم الحياة وعاش عيشة أفقر الناس، وحرم نفسه من ملذات الحياة وزخرفها وزبرجها حابساً نفسه بين جدران المكتبات عاكفاً على الكتب يغوص في بحارها ويغور في أعماقها يخرج منها الدرر العوالي والجواهر الغوالي ويضم بعضها الى بعض يصنع منها عقوداً ويصوغ منها حليّاً تزيّن المكتبة الاسلامية وترفع الغموض عن كثير من المسائل التي باتت مستعصية على الأفهام، مبهمة تحيط بها الأوهام، مثاراً للجدل بين الأنام على مدىٰ قرون من الزمان، وتكمن أهميتها بارتباطها بالجوانب العقدية والحيثيات الدينية. إنّ نظرةً سريعة على إصدرات هذا العالم المعطاء توضح لنا مدىٰ اهتمامه بتسديد الأمّة وإرشاد الملّة إلى ماهو الحق من المعتقدات وصيانتها عن الانجرار خلف الانحرافات التي أودت بالكثير من العباد الى التناحر والتخاصم والوقوع في الهاوية. رجل يحمل العزم والصلابة والجَلَد والصبر على البحث عن المعلومة، ولربما صرف السنين الطويلة في تتبع معلومة معيّنة من خلال قراءَة مئات الكتب ومراجعتها وسبرها وتصفحها والغور في مضامينها سطراً بسطر وكلمة بكلمة، إنّ القلم والبيان لعاجز تمام العجز عن حكاية الجهود التي يبذلها أمثال هذا العيلم المحقق المدقق، واللسان ألكن عن وصف ما يضحي به هؤلاء من وقت وصحة وما يتحملونه من قساوة الظروف، فقد عاش هؤلاء في زمان لم تكن فيه المكتبات العامة ولا البيوت مزوّدة بنعيم اليوم من الإضاءَة وأجهزة تكييف الهواء التي تقي من الحرّ والبرد، كان أحدهم يقضي الليالي ساهراً مع الكتاب وهو يستضيء بشمعة أو سراج زيتي، يتحمل برد الشتاء وحرارة الصيف،و لا يقلل كل ذلك من عزمه ولايحول دون مثابرته في الخوض في الكتابة والتأليف والمطالعة والتنقيب في المصادر، انّ كل كتاب من مؤلفات هذا الفقيد الغالي هو حصيلة عمر مديد وسنين طويلة وعناء متواصل، كل ذلك خدمة للدين وللأمّة الاسلامية، ومن ميّزات فقيدنا الراحل هو اختياره معالجة المسائل التي وجدها مستعصية لا يجرأ الآخرون على الخوض فيها لما في البحث فيها من جهود ضائعة في أعين الناس لاتنعكس على المجتمع، ومن هنا ننتبه إلى ما يحمله هذا الفقيد الراحل من اخلاص في النيّة فهو يعمل لله مخلصاً تمام الإخلاص فيما يقدمه إذ يختار عملاً لا يدخله الرياء إذ لا يعرفه الناس فيكبروه، فيبقى عمله مغفولاً عنه عند العامّة فلا إعجاب ولا مدح ولا ثناء من أحد، وبذلك يرتفع قدر العمل ومنزلة العامل عند الله تعالى. انّ الحديث عن السيرة الذاتية لهذه الشخصية الكبيرة وعن عطائها العلمي وانجازاتها الفكرية بهذه العجالة دونه خرط القتاد. ناهيك عن الحديث عن ورعه وتقواه وتنمّره في ذات الله، وتحمله أقسىٰ أنواع المضايقات ومقاومة أعنف الضغوط ليصون نفسه عن أيّ تصريح أو قول أو فعل يصب في خانة تأييد النظام السابق الظالم الغاشم الذي كان لايترك أداة من أدوات الأذىٰ ولا وسيلة من وسائل العنف إلّا واستخدمها في زمانه لانتزاع تأييد أو مدح أو ثناء من رجال الدين والحوزة العلمية في النجف الأشرف.
فألف تحية إلى روحك الطاهرة وألف سلام على نفسك الكريمة وكل التعظيم والتكريم لحياتك الربانية التي قضيتها في الإلهيات والروحانيات وأبعدتها عن الدنيا والماديات،
جعل الله قبرك مزار ملائكة الرحمة وروضة من رياض الجنة، والحمد لله أولاً وآخراَ وظاهراً وباطناً.

وانا لله وانا اليه راجعون

 

 

 

 

 

 

محرر الموقع : 2023 - 09 - 20