باحث كوردي في ألمانيا يعمل على إنتاج أنسجة تساهم في معالجة مرضى القلب
    

 

 

 

متواضعاً وواثقاً بنفسه وبرؤية واضحة ملأى بالأمل في الغد.. هكذا يمضي الدكتور سركوت" بخطاه إلى معهد الفسلجة بجامعة كولن. 
 
وداخل مختبر صغير يقوم الباحث الكوردي بالبحث والعمل على ابتكار مصيري يتعلق بأمراض القلب وخاصة الجلطة القلبية. 
 
درس الدكتور سركوت، الأكاديمية بدراسة علوم الحياة، ثم واصل دراسته في مجال الفسلجة، وبعد نيله الدكتوراه أصبح واحداً من العلماء والباحثين الشباب الذين تعلق عليهم الآمال في علوم الطب المتجددة regenerative medicine على مستوى العالم. 
 
يقول لشبكة رووداو الإعلامية، بينما تعمل طالبة داخل قاعة المختبر، "تعمل هذه الطالبة على تنمية الخلايا الجذعية للإنسان وزراعتها، وسيرتفع عدد هذه الخلايا بعد ثلاثة أيام، عندها يتم تحويلها إلى خلايا قلب الإنسان". 
 
ويضيف: "ثم تحوّل الخلايا إلى أنسجة قلب الإنسان وتستخدم في تجاربنا العلمية، عندما نصنع هذه نستطيع اختبار الأدوية". 
 
تنتج هذه الخلايا من دماء وجلود البشر ثم يجري عليها العمل المختبري وتحويلها إلى أنسجة وهكذا يتم إنتاجها. 
 
زنار شينو، مراسل رووداو سأل الدكتور سركوت عن الفائدة التي يمكن الحصول عليها منها في هذه المرحلة، فأجاب القول: "يمكن استخدام هذه الأنسجة في اختبار العقاقير الجديدة في مصانع الأدوية". 
 
وأوضح الفكرة بالآتي "فبدلاً من اختبار الأدوية على الحيوانات يمكن اختبارها على هذه الأنسجة، وحالياً يمكن استخدامها في الاختبارات ما قبل السريرية، في زراعة قلوب الكائنات الحية مثل الخنازير". 
 
وأردف الباحث الكوردي أن فائدته تكمن لمعرفة "إذا كان بإمكانه شفاء القلب إذا أصيب شخص بجلطة قلبية مستقبلاً، وكذلك يمكن استخدامها في كل التجارب التي لها علاقة بالعلوم مثل نمو قلب الإنسان"، وفقاً لحديثه. 
 
يتواجد في المختبر أيضاً، الدكتور "كورت فان كوخته"، الذي يشارك تلميذه السابق في الإشراف على هذا المشروع. 
 
أجاب بدون أي تكلف عن سؤال رووداو حول إذا ما يمثل ما يفعلونه انعطافة أو ثورة؟، بالقول: "هذا الذي نبحث فيه هنا يبعث على أمل كبير. لا أريد أن أقول إن ما نفعله ثورة، فلا شك أن العمل الذي ننجزه، عمل عليه العديد من العلماء لسنوات عديدة، وقمنا نحن بتطوير فكرة نعتقد أنها جيدة للغاية ويمكن أن تؤدي إلى نتيجة علاجية". 
 
واستدرك أن عليهم إجراء المزيد من الاختبارات عليها، مضيفاً "قمنا بتجاربنا الأولية على كائنات حية كبيرة في نماذج ما قبل سريرية، لنعرف إن كان بالإمكان زراعة أنسجتنا هذه بعد الجلطات القلبية، لكن لا تزال هناك حاجة إلى كثير من الخطوات الاختبارية لإنتاج أنسجة قلب فعالة في العلاج". 
 
وتابع: "كذلك تجري اختبارات لمعرفة كيف تجري عملية التوليف في القلب وكيف ستكون آثارها. نحن نرى أنها ربما تكون لها تأثيرات سلبية أيضاً. في هذه المرحلة، لسنا واثقين من أن العلاج الذي توصلنا إليه يخلو من الآثار السلبية". 
 
بالعودة إلى الدكتور سركوت عما إذا كان هذا البحث يجري في أي مركز علمي آخر في العالم؟ وكم يمكن أن يبلغ عمر هذه الأنسجة؟، قال إنه "بالصورة التي ننتجها نحن بها، موجودة هنا بأعداد كبيرة وبجودة عالية،  هي موجودة في أماكن أخرى لكن ليس بهذا العدد الكبير". 
 
ويكمل إجابته بالقول: "في واحدة من تجاربنا استمرت في الحياة لمدة 120 يوماً، أبقيناها حية هذه المدة، لأن التجربة كانت تتطلب ذلك. لو اعتنيت بها ولو أن بيئة الزراعة والتغذية تم تبديلها كل يومين أو ثلاثة، وإن لم تتلوث بالبكتيريا والأعفان، فإنها ستبقى سنوات في المختبر ويمكن الاستفادة منها في التجارب". 
 
حول كيف ينظر الدين والأعراف الأخلاقية الإنسانية إلى هذا البحث الذي يعملون عليه؟، يوضح الدكتور سركوت أنه "ليس فيه أي مشكلة، فهذا ليس باستنساخ، كما أننا لا نتلاعب بالحامض النووي بأي شكل، ولا نتدخل في تركيبة الحامض النووي، كل ما هنالك أن بروتوكولاً أصبح في متناولنا يمكننا بواسطته تحويل الجلد والدم إلى خلايا جذعية، نحولها ولا نصنع منها". 
 
ويعزز إجابته بالقول: "نحول الخلايا الجذعية إلى الخلايا التي نريدها، خلايا القلب، وربما خلايا عيون أو ربما خلايا دماغ أو أي خلايا تدعو الحاجة إليها
وهناك الآن حاجة إلى هذا في مجال العلوم الطبية لغرض إنتاج أدوية وعقاقير جديدة أو في إعادة زرعها في المراحل المتقدمة". 
 
في تلك الأثناء يوجّه الباحث الكوردي طالبته حول الطريقة السليمة للعمل، وكان الأمر اللافت جداً في فريق الدكتور سركوت، هو وجود شابتين كورديتين ضمن الفريق، إحداها من شرق كوردستان (إيران) والثانية من شمالها (تركيا). 
 
تواجدهما خلق لدى مراسل رووداو زنار شينو، تساؤلاً عما إذا كانت هناك فرصة لإجراء مثل هذه البحوث في كوردستان أيضاً، قال الدكتور سركوت إن "المشروع الذي نستطيع الآن العمل عليه، خطة المشروع منحت بالتعاون مع الزملاء الألمان لجامعة سوران، لذا بإمكاننا أن نقوم بهذا العمل في كوردستان". 
 
بخصوص مستلزمات العمل في إقليم كوردستان، ذكر الدكتور سركوت إن الأمر بحاجة إلى "المال، العملية بحاجة إلى التمويل والمساعدة المادية، لكي نتمكن من إعداد المباني هناك وشراء الأجهزة". 
 
ومضى بالقول: "إنني مفعم بالأمل، هناك الكثير من الشباب الأذكياء هناك
أتواصل معهم بصورة يومية، أولئك الشباب هناك سيصبحون كهؤلاء الشباب
ويمكننا إنجاز هذه الأعمال في كوردستان أو في جامعة سوران". 
 
بشأن الميزانية التي يحتاجها المشروع، قال الدكتور سركوت "في المرحلة الأولى، هل من المهم أن نذكر الأرقام؟، في المرحلة الأولى يمكننا أن نبدأ بما يتراوح بين مليون ومليوني دولار، وبإمكاننا البدء بأقل من ذلك". 
 
وراء أبواب ونوافذ المختبر في اجمعة كولن، يمضي الباحثون الكورد والألمان أوقاتهم بصنع منتجات صحية مستقبلية، وإن لم يكن ما يفعلون ثورة علمية فإنه بلا شك انعطافة مؤثرة على صحة الأجيال القادمة للبشر. 

 

 

 

محرر الموقع : 2024 - 02 - 11