الاستفتاء خيار الاحرار الصامدين، ومجلس الطاغية لن يضم سوى الهامشيين
    


انتصارات كبيرة حققها صمود شعب البحرين في مواجهته العصابة الخليفية المجرمة، فها هي ترغم على اتخاذ قرارات كانت بمثابة السم لديها، فتهرع لاطلاق سراح مريم الخواجة اولا ثم نبيل رجب ثانيا، وزينب الخواجة ثالثا. انها بداية سقوط هذا النظام الذي ادرك ان المقاطعة الشعبية له ولمشاريعه ليست مزاحا، بل حقيقة كشفت خواءه برغم تظاهره بالقوة. وبعد ان انكشفت حقيقة انتخاباته ليس للشعب فحسب بل للمراقبين الاجانب اصبح الطاغية وعصابته مكشوفين تماما، وسقطت اوراق التوت التي استعملوها لتغطية عوراتهم منذ عقود. فقد سقط المشروع الانتخابي قبل ان يبدأ، وعرف العالم ان المجلس الذي سينجم عن هذه الانتخابات التي قاطعها السكان الاصليون سيكون اضعف كثيرا من المجلس السابق، وبالتالي لن يقتنع احد بان الخليفيين نفذوا التوصيات الهائلة التي تدعوهم لاصلاح نظامهم الفاسد. عنفوان كبير يشعر به الثوار وهم ينطلقون في احتجاجاتهم يوميا بدون انقطاع، ويهتفون بلسان عربي فصيح: الشعب يريد اسقاط النظام. اربعة اعوام من الثورة والقمع لم تفع من عضد الشعب البطل، فما تزال نساؤه تسابق رجاله في ميادين الشرف، يطمعون في الشهادة ويتباركون في صنع الموقف الذي يرضي الله ورسوله. انه الموقف الذي يتصدى للظالم ويعلن رغبة اصحابه في اقامة نظام حكم عادل يلغي نظام الحكم التوارثي الاستبدادي الذي وضع الامويون أسسه، والذي استشهد الامام الحسين من اجل اسقاطه.

عشية الاستفتاء الشعبي، يواصل الديكتاتور وعصابته جرائمهم الفظيعة بالاعتداء على منازل الآمنين وهم نيام ليسحبوا اطفالهم الى طوامير التعذيب، ويعنقلون الحرائر ويرتكبون الفواحش والجرائم على اوسع نطاق. يمارسون التعذيب بوحشية، ليظهر جسد الشهيد حسن الشيخ شهادة دامغة على انسلاخ الخليفيين من الانسانية وتحولهم الى وحوش مفترسة. ثم يطلق طارق الحسن تهديداته بقمع السكان الاصليين، وتوجه رصاصة لوجه والد الشهيد علي بداح، فيخر مصابا بشكل بليغ. لقد قالها الشعب مرارا بانه لن يقبل بحكم الوحوش يوما، بل سيعمل ويضحي لاقامة نظام عصري يصنعه الشعب ويشارك في تشييد دعائمه. دماء الشهداء اختلطت بثراهم لتوفر اللبنات المتينة لهذا الصرح الذي سيشيد على انقاض الحكم الخليفي البالي. يحصي الطاغية لياليه وايامه وهو يرى الشعب يزداد قوة وثباتا واصرارا برغم ما يمارس بحق ابنائه من تنكيل. لقد سجننوا الحرائر والاطفال فما ازداد الشعب الا ثباتا. وبعث وزير عدل الخليفيين رسائله لتهديد المواطنين بالويل والثبور ان امتنعوا عن المشاركة، فكانت النتيجة معاكسة تماما، فقد انسحب العديد ممن اغواهم الشيطان في البداية وحثهم على طرح اسمائهم للترشح لمجلس الطاغية، وانكفشت مؤامرته ضد الشعب من خلال جريمة التجنيس السياسي من خلال اسماء المرشحين الذين تبدو اسماؤهم واصولهم غريبة عن البحرين وسكانها الاصليين (شيعة وسنة). بل ان المترشحين ليسوا من الذين ناضلوا من اجل الديمقراطية او يهمهم الانتخاب، بل من الذين يلعقون القصاع ويمسحون احذية الطغاة. اما الثوار والمطالبون بالممارسة الديمقراطية فقد قاطعوا تماما المشروع الخليفي الهادف لتلميع صورة النظام السوداء. وترسخت قناعة المواطنين بضرورة التصدي للمشروع الخليفي حين طرح اعداد الناخبين ليؤكد استمرار جريمة التجنيس السياسي التي يتم توثيقها كجانب من سياسة الابادة التي يمارسها الخليفيون المحتلون بحق السكان الاصليين.

واذا كان الديكتاتور يعول على الوضع الاقليمي لحمايته من السقوط، فقد جاءت قمة الرياض الطارئة  الاسبوع الماضي لتكشف هشاشة موقفه وفشل تعويله على الاحتلال السعودي الذي اعاده الى الحكم بعد ان اسقطه الشعب بعد ثلاثين يوما فقط من انطلاق الثورة. فقد اصدر الملك السعودي اوامره بتوقيع اتفاقية الرياض للمصالحة مع قطر وارغم الخليفيون على اعادة سفيرهم للدوحة وهم كارهون. عليهم ان يدركوا ان واقعا جديدا يتبلور في المنطقة لغير صالحهم، وان السعودية نفسها اصبحت محاصرة باستحقاقات دعمها مجموعات التطرف والارهاب. لقد اصبح الخطر يداهم المنطقة من انتشار هذه المجموعات التي اصبحت تستهدف انظمة الاستبداد العربية بجانب استهدافها المسلمين الشيعة. واشعل الحكم السعودي والخليفي نيران الطائفية التي ستصل عروش هؤلاء الطغاة قبل غيرهم. ومع انتشار القلق من توسع دائرة الارهاب ووصوله العواصم الغربية، بدأ الغربيون يعيدون النظر في الحكمة من الاستمرار بدعم انظمة الخليج التي تمارس الاستبداد من جهة وتروج الطائفية من جهة اخرى، وتنكل بالمواطنين من جهة ثالثة. وفيما تتواصل المفاوضات بين ايران والغرب حول مشروعها النووي يلوح في الافق احتمال توافق يفضي لتعايش سلمي بين ايران والغرب، ويضع نهاية للتوتر والمماحكات السياسية التي لا تنتهي. واذا حدث ذلك فسيختلف الوضع جذريا ويتم اعادة رسم خطوط التحالف السياسي والاستراتيجي في منطقة هي الاكثر حساسية في العالم. انه توازن صعب ولكنه سيساهم في اضعاف انظمة الاستبداد خصوصا العصابة الخليفية التي تتحرك خارج اطار الزمن والمعقول.

ستكون الايام القليلة المقبلة حاسمة على صعيد مستقبل البحرين. فالشعب بلغ مرحلة من اليأس من اصلاح الحكم الخليفي الذي بلغ الذروة في القمع والسعي لتغيير الخريطة السياسية والديمغرافية في البحرين. ان القفز على حقائق الواقع لن تفيد العائلة الخليفية شيئا. فالمستقبل اصبح لغير صالح هذا الشكل من الحكم، والواقع اليوم يختلف تدريجيا ويتحول باتجاه منح الشعوب حقها في تقرير مصيرها. والاستفتاء الذي نظمته قوى الثورة لتحديد مستقبل البلاد وشكل حكمها، اصبح حقيقة لا مناص منها، ولن يجدي القمع السلطوي في منعها او التأثير على مسارها. ان الشعب على موعد مع تطورات كبيرة لم يشهدها منذ انطلاق ثورته المظفرة، وهي تطورات توحي مساراتها بانها ستكون حاسمة لغير صالح حكم الاستبداد القبلي. وتضحيات الشهداء ادى لدفع آبائهم وامهاتهم للتصدي للعمل السياسي برغم ان اكثرهم ربما لم يكن من ذوي الاهتمام السياسي قبل الذي حدث لابنائهم. نتيجة الاستفتاء الشعبي هي التي ستحكم الوضع السياسي في البلاد، اما انتخابات مجلس الطاغية فلا اثر لها ولن يترتب عليها اي تغير في الاوضاع المحلية. سيكون هناك مجلس باهت يتألف من افراد لم يطالبوا يوما بالحرية اوالديمقراطية، بل كانوا ممن يعيش على هامش الحياة، بعيدا عن معاناة الشعب  ومطالبه وثورته. وبالتالي فسيكون الاستفتاء الشعبي هو التعبير الحقيقي عن ذلك كله. العصابة الخليفية تعرف ذلك جيدا،  ولذلك تتصدى له بالقمع والعنف: تستهدف المتظاهرين بالرصاص والغازات، وتعتقل منظمي الاستفتاء، وتصدر احكاما بالسجن الطويل بحق النشطاء، وتسحب جنسيات الاحرار، انتقاما وحقدا. ان ذلك كله مقدمة وشرط للنصر المؤزر الذي وعد الله المؤمنين الصالحين به، ولن يخلف الله وعده، وسينتصر الشعب باذن الله ويهزم الظالمون، وما ذلك على الله بعزيز

اللهم ارحم شهداءنا الابرار، واجعل لهم قدم صدق عندك، وفك قيد  اسرانا يا رب العالمين

حركة احرار البحرين الاسلامية

محرر الموقع : 2014 - 11 - 21