عندما يعتنق الألمان الإسلام! ... ماذا يواجهون في مجتمعهم ؟
    

يعتنق نحو ألفي شخص الإسلام في ألمانيا سنويّاً. وما يجعل الإسلام مهمّاً بالنّسبة إليهم، منظومته الشعائريّة الواضحة والمتعلّقة بالشؤون الدنيويّة. لكنّهم في الوقت ذاته يواجهون خطر التهميش.

أوّل مرّة أحسّت لينا الشابة الألمانية بأنها قريبة من الله، عندما كانت جالسة على شرفة منزلها في القاهرة. أحسّت بمن يشدّ على كتفيها، وتقول: "أحسست لأوّل مرّة، أنه ومهما حصل، هناك من سيحملني بين ذراعيه... إنّه الله". ومنذ ذلك "اللّقاء" قبل خمسة أعوام، لم "يفارقها" الخالق، حسب تعبير لينا. ومنذ ذلك الحين اعتنقت الإسلام.

وحسب تقديرات سليم عبد الله، مدير الأرشيف الإسلامي في مدينة سوإيست غرب ألمانيا، يعتنق نحو ألفي شخص في ألمانيا الإسلام سنويّاً. لا أحد يعرف العدد الحقيقي لهؤلاء، لأنّ المساجد والجمعيات الإسلاميّة لا تقوم بتوثيق حالات اعتناق الإسلام إلا نادراً، كما أن من ينطق بالشهادتين في بيته، فهو بعيد عن دائرة التوثيق.

كذلك الأمر بالنّسبة إلى لينا البالغة من العمر 28 عاماً، والتي اعتنقت الإسلام في دوائر مقرّبة، وذلك عقب رحلة طويلة من البحث عن معنى الوجود، إذ تقول: "منذ طفولتي، وأنا أشعر بالحزن والوحدة، لكن بعدما دخلت الإسلام، كسَّرت قيود الوحدة، ودخل الفرح حياتي".

الدّوافع الّتي جعلت هؤلاء يعتنقون الإسلام مختلفة، فقد تكون بداعي "البحث عن معنى الوجود، أو الزّواج من رجل أو امرأة مسلمة، أو لإيجاد إجابات عن أسئلة نابعة من التجربة الشخصيّة"، يقول أكسل كراينبريك، المشرف على قسم أبحاث الهجرة في المكتب الفدرالي الألماني للهجرة واللاجئين.

بدورها، تشير مونيكا فولراب - سار، أستاذة علم الاجتماع الثقافي في جامعة لايبزيغ، إلى أنّ معتنقي الإسلام، مهما اختلفت مميّزاتهم، إلا أنّ لهم "قواسم مشتركة"، وهو استعدادهم "لاعتماد أسس جديدة في حياتهم، بسبب تجارب خاصّة ومشاكل وأزمات تعرّضوا لها".

يبدي العديد من الألمان اهتماماً كبيراً بالإسلام، لكونه يشمل تصوّراً واضحاً عن الحياة، حسب أستاذة علم الاجتماع مونيكا فولراب - سار. وسواء تعلّق الأمر بالملبس أو المأكل، أو الشعائر، أو العلاقة بين الجنسين، فإنّ للإسلام أجوبة عن كلّ هذه القضايا، وهي "منظومة يثمّنها المعتنقون ويجدونها مثمرة وطيّبة".

عادةً ما يلتزم الوافدون الجدد على الإسلام بتعاليمه وشعائره، تقول الخبيرة الألمانيّة، وذلك عكس المسلمين أباً عن جدّ في ألمانيا، الّذين لا يطبّقون تعاليم الإسلام بحذافيرها، ولهذا يتضايقون من حديثي العهد بالإسلام، يقول سليم عبد الله من الأرشيف الإسلاميّ. والسّبب الذي يدفع الفئة الجديدة أكثر تشدّداً، يكمن، حسب عالمة الاجتماع فولراب - سار، في وجود فارق كبير بين ما إذا كان "الإنسان يبحث في حقيقة الدّين في الكتب، أو أنه تعرّف إليه ضمن السياق الثقافي الذي يتيح استثناءات وترك القواعد بشكل متّفق عليه. أي أن السياق الثقافي يحمل مجالاً أوسع من التسامح، وهذا ما لا يمكن العثور عليه في أيّ كتاب".

معتنقو الإسلام يواجهون أيضاً خطر الانعزال بعد اعتناقهم الدّين الجديد. ولذلك ارتباطٌ بنظرة المجتمع الألماني إلى الإسلام، إذ تشير فولراب - سار، أنّه عادة ما تتمّ معالجته بتقديمه كدينٍ مختلف عن المسيحيّة، كما أنّه يتمّ اختزاله في نقاط محدّدة. وفي هذا الإطار، يتمّ التّركيز في الإعلام على مجموعة من معتنقي الإسلام المتشدّدين أصحاب ميول للعنف. وفي حقيقة الأمر، لا تمثّل هذه المجموعة إلا قلّة قليلة، يقول كراينبرينك.

عائلة لينا هي الأخرى شعرت بخوف شديد عندما علمت بخبر اعتناق ابنتها الإسلام؛ غير أنّ الفتاة شرحت الكثير عن دينها الجديد، لتعود بعد أربع سنوات من إقامتها في القاهرة إلى أوروبا. اليوم تقول لينا: "عائلتي سعيدة اليوم بسعادتي، وبأنّني قابلت الله على شرفة منزلي".

محرر الموقع : 2014 - 04 - 01