هل نعي النهضة الحسينية كما يعيها الاخر.؟!
    

انقداح اذهان المبدعين على اعتاب العظمة ينفذ الى استكشاف مابهم وغمض على الاخرين  با استخرج كنوزا والتقاط دروسا ..

ففي هذه السطور نقدم مقتطفات قليلة ونتف موجزة لقراءة الق فكري وبحث موضوعي وتحليل منطقي خطه يراع احد عباقرة المسيحين المتيمين بحب اهل البيت (ع)والمشغوفين بعشق الامام الحسين اخترناها فهي بايجازها تنبيء عن محتوى هذا السفر القيم وتظهر عمق فلسفة الكاتب وابعاد تحليله وتتبعه المستفيض والموسوعي لمصنفه د.القس انطوان بار حيث سيلاحظ ويتبين البون الشاسع بين وعيين او فهمين ... !

مقتطفات من كتاب الامام الحسين في الفكر المسيحي المؤلفه القس انطوان بار

 جاء في مقدمة الكتاب :صيحة الحسين نبراساً لبني الإنسان في كلّ عصرٍ ومصر، وتحت أيّة عقيدةٍ انضَوَوا، إذ إنّ أهداف الأديان هي المحبّة والتمسّك بالفضائل..  لقد كان الحسين عليه السلام شمعةَ الإسلام.. أضاءت مُمثِّلةً ضميرَ الأديان إلى أبد الدهور...حرّر الحسين ، بوثبته الفدائيّة ، هواء تتنفّسه النفوس الحرّة الشريفة ؛ لأنّه أكّد عذوبة الموت ، طلباً للإصلاح الإنسانيّ.!

يقول القس انطوان بار في ص 59مانصه : لم تحظَ ملحمة إنسانيّة في التاريخَين القديم والحديث ، بمثل ما حظيت به ملحمة الاستشهاد في كربلاء من إعجاب ودرس وتعاطف ، فقد كانت حركة على مستوى الحدث الوجداني الأكبر لاُمّة الإسلام ، بتشكيلها المنعطف الروحي الخطير الأثر في مسيرة العقيدة الإسلاميّة ، والتي لولاها لكان الإسلام مذهباً باهتاً يركن في ظاهر الرؤوس ، لا عقيدةً راسخة في أعماق الصدور ، وإيماناً يترع في وجدان كلّ مُسلم .

لقد كانت هزّة وأيّة هزّة . زلزلت أركان الاُمّة من أقصاها إلى أدناها ، ففتحت العيون ، وأيقظت الضمائر على ما لسطوة الإفك والشرّ من اقتدار ، وما للظلم من تلاميذ على استعداد لزرعه في تلافيف الضمائر ؛ ليغتالوا تحت سترٍ مزيّفة قِيَم الدِّين ، وينتهكوا حقوق أهله ، ويخمدوا ومضات سحره الهيوليّة

وقال القس بار في ص60 :فإذا نظرنا إليها بمنظار الملاحم ، لم يفتنا ما فيها من كبر فوقها . فالملاحم والثورات التي غيّرت مجرى التاريخ والاُمم ، تقاس عادةً بمدى إيجابيّة وعظم أهدافها ، وإمكانيّة تساميها إلى مستوى العقيدة أو المبدأ لمجموع فئة ما أو فئات ؛ وعلى هذا المقياس تكون ثورة الحسين الذي قامت من أجله .
يقول القس انطوان بار في كتابة الحسين في الفكر المسيحي ص96ما نصه: وثورة الحسين (عليه السّلام) ليست وليدة ساعتها ، بل هي في سفر الوصايا الإلهيّة نقشت عليه قبل نزول الرسالة المحمّديّة ، وعِلم ذلك عند ربّ الأكوان وباعث الرّسالات ، إذ كان يعلم تعالى بما ستتعرّض له هذه الرسالة من اهتزاز بعد نزولها على محمّد (ص) فهيّأ لها الحسين قبل أن يكون .

ويقول القس بار : ألم يَعُوا كيف تحوّلت هذه الملحمة العظيمة ( ملحمة كربلاء ) بتقادم العهد عليها، إلى مسيرة.. وكيف صارت الشهادة التي أقدَم عليها الحسينُ عليه السّلام وآلُ بيته وصحبُه الأطهار، إلى رمزٍ للحقّ والعدل.. وكيف صار الذبيح بأرض كربلاء، مَناراً لا ينطفئ لكلّ متطلّعٍ باحثٍ عن الكرامة التي خصّ بها سبحانه وتعالى خَلْقَه بقوله: (ولَقَد كرَّمْنا بَني آدَمَ )؟!
والسيرة العطرة لحياة سيّد شباب أهل الجنّة واستشهاده الذي لم يُسجِّل التاريخُ شبيهاً له.. كان عنواناً صريحاً لقيمة الثبات على المبدأ، وعظمةِ المثاليّة في أخذ العقيدة وتمثُّلِها، فغدا حبُّه كثائرٍ واجباً علينا كبشر، وحبُّه كشهيدٍ جزءً من نفثات ضمائرنا.
 فقد كان ( الحسين ) عليه السّلام شمعة الإسلام، أضاءت ممثِّلةً ضمير الأديان إلى أبد الدهور، وكان درعاً حَمى العقيدةَ مِن أذى مُنتهكيها، وذبَّ عنها خطرَ الاضمحلال، وكان انطفاؤه ( أي شهادته ) فوق أرض كربلاء مرحلة أُولى لاشتعالٍ أبديّ، كمَثَل التوهّج من الانطفاء، والحياة في موت.
 ويتابع القس انطوان بارقائلا في ص295 : المسيح.. هل تنبّأ بالحسين ؟ ، ليكتب هذه الفقرات:
أيُّها القاتلون ـ جهلاً ـ حسيناً                 أبشِـروا بالعـذابِ والتنكيـلِ
قد لُعِنتُم على لسـان ابـن دا                 ودَ وموسى وصاحبِ الإنجيلِ
لقد لعنَ المسيحُ قاتلي الحسين وأمر بني إسرائيل بلعنهم، قائلاً: (مَن أدرك أيّامَه فليُقاتِلْ معه، فإنّه ( أي المقاتل مع الحسين ) كالشهيد مع الأنبياء مُقْبلاً غير مُدْبِر، وكأنّي أنظر إلى بقعته، وما مِن نبيٍّ إلاّ وزارها وقال: إنّكِ لَبقعةٌ كثيرة الخير، فيكِ يُدفَن القمرُ الزاهر )
ويقول القس انطوان بار فى هذا النصّ ثلاثُ نقاطٍ ذات دِلالةٍ وأهميّة:
1 ـ لعنُ المسيح لقاتلي الحسين، وأمرُه لبني إسرائيل بلعنهم.
2 ـ الحثّ على المقاتلة مع الحسين، بإيضاح أنّ الشهادة في هذا القتال كالقتال مع الأنبياء.
3 ـ التأكيد على زيارة كلّ الأنبياء لبقعة كربلاء، بالجزم التامّ على أنّ ( ما مِن نبيّ إلاّ وزارها).
وتذكر بعض المصادر التاريخيّة أنّ عيسى ابن مريم عليهما السّلام مرّ بأرض كربلاء، وتوقّف فوق مطارح الطفّ، ولعن قاتلي الحسين ومُهْدِري دمه الطاهر فوق هذا الثرى.

وجاء في ص 315 من كتاب الحسين في الفكر المسيحي لانطوان باريقول : في مجلد سفر أيوب نبوءة إرميا 46 / 3 ، 7 ، 10 ص487 ـ 488 نقرأ هذا الوصف لنبوءة) : عند نهر الفرات في بابل – أي كور بابل (كربلاء)-قال الرب : هيّئوا المِجَنَّ والمِجْنَبَ وازحفوا للقتال ، وشدّوا على الخيل واركبوا أيها الفرسان ، وانتصبوا بخوذكم . أصقلوا الرماح والبسوا الدروع . ما بالي رأيتهم قد فشلوا ونكصوا إلى الوراء ، قد كُسِر جبابرتهم وانهزموا انهزاماً ولم يلتفتوا ؟ هول من كلّ جهة يقول الرب : الخفيف لا يهرب ، والجبّار لا يفلت . في الشمال بجانب نهر الفرات عثروا وسقطوا ، في هذا اليوم يأكل السيف ويشبع ويُروَى من دمائهم ؛ لأن للسيد ربَّ الجنود مذبحة في أرض الشمال عند نهر الفرات ).

هذه الرؤيا رآها إرميا ، ولا نجد لها تفسيراً معقولاً ، وقد أثبتناها هنا لورود كلمات فيها مثل : بابل ، مذبحة عند نهر الفرات . ولا ندَّعي إمكانية تحليل هذه الرؤيا ؛ لأنها ليست موقفاً أو حدثاً حتّى نجمع أجزاءها ونركِّبها ونخرج منها برأي ما ، ولكنها رؤيا تقع في خانة ما يحلم الإنسان به ، وما يتراءى له في نومه أو يقظته . وهي تدخل في باب الرؤى لأفراد غير عاديِّين مثل إرميا ، ولا بدّ أنَّا واجدون بها قبساً من واقع تحقَّق بشكل أو بآخر ، قريب الشبه بها ، غير بعيد عن إمكانية كينونته كما تراءى .

وفي الرؤى أحداث تاريخية وقعت بعدها بسنين ، بل وقرون ، وبها أسماء لم تزل إلى يومنا هذا موجودة ، مثل : النيل ، والفرات ، وبحر القلزم ، وشيلو ، وأريحا ، ودمشق ، وأرض الكلدانيِّين ، وآشور ، وسدوم ، وعموره . وقد لا تكون ـ على هذا القياس ـ رؤيا إرميا ببعيدة عمّا حدث لاحقاً فوق أرض بابل –كور بابل -(كربلاء) بجانب نهر الفرات من مذابح وتنكيل . وتظلُّ بقعة كربلاء المقدّسة هي الرمز الأسمى لملحمة عقيدة الإسلام الكبرى ، وهي لم تكن كذلك قبل أن تُرَوّى بدماء آل البيت الزكية .

وفي الختام الانقول نكتفي بهذا القدر من القبسات الرائعة المعبرة بل نرجوا الاطلاع على هذا السفرلخصوبة ونضوج افكاره.

هلال آل فخرالدين

hilal.fakhreddin@gmail.com

محرر الموقع : 2014 - 11 - 28