ممثل المرجعية العليا في اوربا : يقــول الإمام الحسین عليه السلام ضحی في سبيل الله لبقاء الرسالة الاسلامية وديمومتها
    

 

 

 

 

·     يهنئي العالم الاسلامي بولادة الامام الحسين (ع) والاقمار من اهل بيت النبوة (ع) 
·     يتحدث عن اهمية شهر شعبان وفضلة وما اعطاه الله من الاجر والثواب للصائمين والقائمين والعاملين فيه 
·     حدد عوامل الوهج العبادي وانخفاضه بثلاثة اسباب 
·     يناشد المؤمنين التضرع الى المولى سبحانه وتعالى في هذه الايام بأن يفرج عنهم ويكشف عنهم ما بهم من ضر وبلاء

 

جاء حديثه هذا في مؤسسة الامام علي (ع) في لندن، بمناسبة الاحتفال بذكرى ولادة الامام الحسين (ع) والاقمار النيرة من اهل بيته (ع) في هذا الشهر الكريم تاليا الاية الكريمة ((إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدّاً)) شارحا بعض مضامينها، ومعتبرا الامام الحسين (ع) من ابرز مصاديقها لما قدمه من تضحية وعطاء في سبيل الله لبقاء الرسالة الاسلامية وديمومتها، معطيا للاجيال عبر الزمن من نهضته دروسا وعضات حتى اقتدى به القريب والبعيد، وقرّضته الاقلام والشعراء والكتاب وغيرهم. 

  يقول بولص سلامة : 
سيكون الدم الزكي لواءاً        لشعوب تحاول استقلالا 
سوف تبكي على الحسين البواكي        ويرى كل محـجـر شلالا 
ليت شعري لم البكاء        وذاك اليوم عيد يشرف الأجيالا 
مأتم القاتلين لا مأتم القتلى        يسيرون للخلود عجالا 

  وما المهاتما غاندي فيقول: (تعلمت من الحسين أن أكون مظلوماً فانتصر) . 
وذاك أنطون بارا المسيحي يقول في كتابه عن الحسين (ع) (لولا الدماء الزكية التي رواى الحسين (ع) ثرى الطف لما رايت الديانات باقية حتى المسيحية). 
ويقول العقاد في كتابه ابو الشهداء (لقد وقف الحسين يوم الطف ساعة لا ينساها الدهر حتى قيام الساعة) وقال السيد هبة الدين الشهرستاني (لقد ضنت امية انها قتلت حسينا ولكنها احييت حسينا واوجدت من كل قطرة دم حسينا ناهضا بدعوته، داعيا الى نهضته). 

فلهذا وغيره كتب الله هذا الخلود له بالذكر والثناء مادامت الدنيا ومن عليها ، وفي الاخرة له المقام الرفيع والشأن العظيم بما لا عين رأت ولا اذن سمعت ((تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَاداً وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ)). 

  فسلام الله عليك يا ابا الشهداء يوم ولدت ويوم عشت ويوم استشهدت ويوم تبعث حيا واقفا بين جدك وابيك وامك واخيك على حوض الكوثر تسقي محبيك وشيعتك ومن سار على نهجك. 

ثم تعرض سماحته الى اهمية شهر شعبان وفضله، وما اعده الله للعامل فيه من الاجر المضاعف على الصيام والقيام فيه، لانه موسم من مواسم العبادة والطاعة، تقبل فيه النفس على الله وتتقرب منه بزيادة الصلوات وتلاوة الكتاب وقراءة الادعية والسعي الى مختلف اعمال الخير كمساعدة الفقراء والمحتاجين والبر بالوالدين والاحسان اليهما وصلة الارحام وغيرها من الاعمال المقربة الى الله عز وجل وهذه الحالة نعبر عنها بـ (الوهج العبادي) اي عروج الروح وتساميها الى ما يرضي الله سبحانه وتعالى. وبعكس هذا احيانا تنكمش هذه النفس وتنخفض هذه الروح بحيث يصيبه الملل والضجر من الطاعة حتى الواجبات منها وكأنه حافز داخلي يمنعه عن عمل الخير، بمعنى انه يكون انخفاض في الجانب العبادي، ((وَإِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَى يُرَآؤُونَ النَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ اللّهَ إِلاَّ قَلِيلاً)). 

ولعل البعض يسأل منا، هل هناك اعمال او افعال او اذكار تنمي عندنا هذا الجانب (الوهج العبادي) وترفع فينا هذه الحالة او انخفاضها؟ 

الجواب: هناك عوامل ذاتية واخرى مكانية وثالثة زمانية نشير اليها اشارة عابرة، وللتفصيل يرجع فيها الى الكتب الاخلاقية التي تكفلت ببيانها. 

فالذاتية منها : وهي التي ترتبط بالفرد نفسه بأن ينقي قلبه من الشوائب كالنفاق والحسد والبغض والشحناء والنظر الدونية الى الاخرين والرياء والتكبّر وغيرها من الامراض الاخلاقية، فاذا تجرد الانسان منها قوي عنده الجانب الروحي واتجه قلبه الى الرقي في العروج الروحي الى الله. مضافا الى هذا اجتناب الذنوب والمعاصي والابتعاد عنها حتى الصغائر منها، ولا يتذرع الفرد بأن يقول هذه معصية صغيرة لا تؤثر على الجانب الروحي، ولكن الامر بالعكس فهذه الصغائر تتراكم بعضها فوق بعض حتى تشكل على قلبه رينا ((بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ)) و ((تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ)). 
والامر الثالث هو تجنب المأكول والمشروب المحرم بل وحتى المشتبه منه، فأنه ينجس القلب ويبعد الانسان عن طاعة الله وعن اعمال الخير والبر حتى يكون بينه وبينها حاجبا وهذا ما عناه النبي (ص) بقوله (إِنَّ هَذِهِ الْقُلُوبَ تَصْدَأُ كَمَا يَصْدَأُ الْحَدِيدُ قِيلَ يَارَسُولَ اللَّهِ فَمَا جَلاؤُهَا قَالَ تِلاوَةُ الْقُرْآنِ). 
فاذا التزم الفرد بهذه الامور الثلاثة ازداد توجهه الروحي الى الله سبحانه وتعالى، وتصاعد الوهج العبادي عنده وعندها تصبح روحيته منفتحة على الطاعة والعبادة لله وكل اعمال الخير، وبعكس هذا تنخفض هذه الحالة بل وتنعدم الى درجة الصفر بحيث يتململ ويتكاسل حتى عن اداء الواجبات. 

العامل المكاني: فأن له دخل اساسي في دعم الحالة العبادية، فكون الفرد في المسجد او الحرم المكي او المسجد النبوي او عند المقامات المقدسة، يكون عاملا مساعدا على تصاعد العامل الروحي عند الفرد لكونه في مكان مقدس، وتنخفض هذه الحالة في غيرها من الأماكن وتصيبه حالة الضمور والانكماش لعدم وجود الحافر المكاني عنده. 

العامل الزماني: أيضاً له دخل في تصعيد الوهج العبادي والروحي عند الانسان، فكونه في ليلة الجمعة او يومها او يوم عرفة او ليلة القدر او ليالي شهر رمضان او شهر شعبان او غيرها من الاوقات المنصوص عليها، فيكون له دور كبير في دفع الانسان الى القرب من الله عز وجل، على العكس عندما لم يكن في هذه الازمنة المباركة تنخفض عنده الحالة العبادية. 

اذا فشهر شعبان من الاشهر التي تتصاعد فيها الحالة العبادية وتتوجه النفس الى باريها من خلال الطاعة واعمال البر، وما احوجنا في مثل هذا الوقت اللجوء الى المولى سبحانه وتعالى ان يكشف عنا ما نحن فيه من ظلم الظالمين وبغي الباغين ((رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ)).  

 

 

 

 

محرر الموقع : 2016 - 05 - 15