المغرب: نساء حوّلن الاحتجاج إلى تجارة
    

لشارع "حسن العلوي" في الدّار البيضاء قصّة فريدة تميّزه عن بقيّة شوارع العاصمة الاقتصاديّة للمملكة المغربيّة. فكلّ من اعتاد المرور من هنا، يعرف جيّداً قصّة نسوة يبعن للعابرين ما يصنعنه من خبز وثريد وحلويات.

نساء يتناوبن على الدّخول والخروج إلى مصنع توقّف منذ مدّة عن العمل، نساء ما زلن يحتفظن بلباس متشابه مع عاملات المصانع المجاورة "الوزرة البيضاء"، لكن ما يصنعنه، لا علاقة له بما كان يصنع في المصنع المتوقّف عن العمل.

 أكثر من سنة وتسعة أشهر قضتها هؤلاء النسوة في الاحتجاج وترديد الشّعارات وإرسال الشكاوى إلى النّقابات وغيرها من الجمعيّات المهتمّة بوضعيّة العمال، وصولاً إلى الاحتجاج أمام منزل صاحب المصنع. كلّ هذا بلا جدوى. اللافتات المعلقة على واجهة المصنع تذكّر المارّة بمعركة هؤلاء المحتجات في سبيل حقوقهن.

فاطمة واحدة من بين الثلاثة والتسعين من المحتجين، بينهم 9 رجال. تقول فاطمة: "الاحتجاج جاء بعد توقيف العمل بسبب ضريبة تفوق المليار فرضها "صندوق الضّمان الاجتماعي" على صاحب المصنع. الشّيء الّذي جعله يوقف العمل دون سابق إعلان يذكر، ودون التّفكير في وضعيّتنا وما سيسبّبه لنا هذا التوقّف المفاجئ".

مع طول فترة الاحتجاج وقسوة العيش وحالة التضامن بين المحتجين، تولّدت فكرة جديدة، إذ حوّلت النساء المحتجّات احتجاجهنّ إلى تجارة مربحة.

فالصباح مخصّص لتحضير جماعي لمنتجات تتنوّع بين حلويات مغربيّة، مثل "غريبة"، و"الفقاص"، و"البغرير" و"المسمن"، وغيرها من المنتجات التي يحتاجها كلّ بيت مغربي، وخصوصاً النساء العاملات. فهذه تحضّر العجين، وأخرى تقوم بخلطه، أمّا تلك، فمهمّتها مراقبة الفرن.

أمّا المساء، فمخصّص لعرض المنتجات على طاولة صغيرة أمام المصنع، وبيعها للمارّة، مع توفير خدمة توصيل البضاعة إلى المنازل، وخصوصاً أنّ المصنع يوجد إلى جانب مجمع سكني كبير يضمّ الكثيرين ممن داوموا على شراء ما تعرضه المحتجّات.

يقول مروان بنعبيشي، أحد السكّان، وزبون شبه يوميّ للمحتجّات: "فكرة بيعهنّ لهذه المنتجات فكرة مبتكرة وجديدة، فهنّ يحرصن على طلب حقوقهنّ دون إهمال لقمة العيش، قد لا توفّر هذه التجارة لهنّ الأجر الشهري نفسه الذي كنّ يتقاضينه من المصنع، لكن على الأقلّ سيوفّر لهنّ دخلاً محترماً".

 ويضيف مروان: "الأثمنة مشجّعة مقارنةً مع بعض المحلات والمخابز، ما جعلني وبعض جيراني، نداوم على شراء هذه المنتجات".

تحرص فاطمة على تغطية طاولة العرض، وتقول إنّ كلّ ما يتم تجهيزه داخل المصنع ليس للبيع، وإنما هي "مساعدة منهنّ لإحدى زميلاتهنّ في التحضير لمناسبة عائليّة".

محرر الموقع : 2014 - 04 - 19