ممثل المرجعية العليا في اوربا يقول:: الامام الجواد (ع) يفحم بأجوبته قاضي قضاة الدولة الاسلامية في عصر المأمون العباسي
    
 
ممثل المرجعية العليا في اوربا يقول:
• نهض الامام محمد بن علي الجواد (ع) بأعباء الامامة وهو لم يزل حدث السن
• الامام الجواد (ع) يفحم بأجوبته قاضي قضاة الدولة الاسلامية في عصر المأمون العباسي 
• المعتصم العباسي يلتزم بتطبيق فتوى الامام الجواد (ع) بقطع يد السارق من اصول الاصابع 
• ناشد الحاضرين بالمحافظة على الوحدة والالفة والمحبة والمحافظة على امن البلاد وارواح العباد ورعاية بالقوانين المعمول بها

 

جاء حديثه هذا في خطبة الجمعة بباريس بمناسبة شهادة تاسع ائمة المسلمين من اهل البيت وهو الامام محمد بن علي الجواد (ع) والذي استشهد في اخر شهر ذي القعدة سنة 220هـ، وقد اوضح سماحته في خطبته مقام هذا الامام (ع) في سطور، كان من اهمها توليه زعامة العالم الاسلامي بعد ابيه الامام الرضا (ع) وعمره انذاك تسعة سنين، مما اثار استغراب البعض وتشكيكهم، الامر الذي دعا الامام الجواد (ع) توضيح ذلك لمن سأل كما جاء في الروايات الاتية: 

1- قال الراوي : قلت له لأبي جعفر الثاني (ع): انهم يقولون في حداثة سنك ، فقال : ان الله تعالى أوحى الى داود أن يستخلف سليمان وهو صبي يرعى الغنم، فأنكر ذلك عبّاد بني اسرائيل وعلماؤهم ، فأوحى الله الى داود (ع) أن خذ عصي المتكلمين وعصا سليمان واجعلها في بيت واختم عليها بخواتيم القوم فاذا كان من الغد ، فمن كانت عصاه قد أورقت وأثمرت فهو الخليفة ، فأخبرهم داود (ع) فقالوا : قد رضينا وسلَّمنا.

2- قال الراوي : رأيت أبا جعفر (ع) وقد خرج عليّ فأخذت أنظر اليه وجعلت انظر الى رأسه ورجليه ، لأصف قامته لأصحابنا بمصر، فبينا أنا كذلك حتى قعد ، فقال : يا عليّ ! ان الله احتج في الإمامة بمثل ما احتج به في النبوة ، فقال: (وآتيناه الحكم صبياً) (ولمّا بلغ اشده) (وبلغ اربعين سنة) فقد يجوز أن يؤتى الحكمة وهو صبي ويجوز أن يؤتاها وهو ابن الأربعين سنة.

3- قال الراوي لأبي جعفر (ع) : يا سيدي ان الناس ينكرون عليك حداثة سنك ، فقال : وما ينكرون من ذلك قول الله عزوجل ، لقد قال الله عزّوجلّ لنبيه (ص): (قل هذه سبيلي ادعوا الى الله على بصيرة انا ومن اتبعني) فو الله ما تبعه إلاّ علي (ع) وله تسع سنين وانا ابن تسع سنين.

كما نوه سماحته باعلمية الامام (ع) وانه كان واسع العلم والمعرفة، فهو أعلم أهل زمانه، وأدراهم بشؤون الشريعة وأحكام الدين مع الإحاطة بالنواحي السياسية والادارية وغير ذلك مما يحتاج اليه الناس .

وقد دلّ الإمام الجواد (ع) بنفسه على ذلك، إذخاض ـ وهو في سنّه المبكّر ـ في مختلف العلوم ، وسأله العلماء والفقهاء عن أعقد المسائل الشرعية والعلمية فأجاب عنها بكل احاطة ودقة مما أدى ذلك الى انتشار مذهب أهل البيت (ع) وتزايد الاقبال عليه في ذلك العصر وذهب كثير من العلماء الى القول بالإمامة.

ومن ابرز مصاديق مقامه العلمي: 

1- ما اشار اليه المأرخون من مجيء ابي جعفر الجواد (ع) الى مسجد رسول الله (ص) بعد استشهاد ابيه وهو طفل فصعد المنبر ورقى منه درجة ، ثم نطق فقال : انا محمد بن علي الرضا ، انا الجواد ، انا العالم بأنساب الناس في الاصلاب ، أنا أعلم بسرائركم وظواهركم ، وما أنتم صائرون اليه ، عِلمٌ منحنا به من قبل خالق الخلق أجمعين ، وبعد فناء السماوات والأرضين ، ولو لا تظاهر أهل الباطل ، ودولة أهل الضلال ، ووثوب أهل الشكّ، لقلت قولاً تعجّب منه الأوّلون والآخرون .

2- جوابه (ع) على سؤال يحيى بن اكثم حينما ساله قائلا: ما تقول جعلت فداك في محرم قتل صيداً ؟ فقال أبو جعفر (ع) : قتله في حلّ أو في حرم ، عالماً كان المحرم أو جاهلاً ، قتله عمداً أو خطأ ، حرّاً كان المحرم أو عبداً ، صغيراً كان او كبيراً ، مبتدئاً بالقتل او معيداً ، من ذوات الطير كان الصيد ام من غيرها ، من صغار الصيد ام من كبارها ، مصرّاً على ما فعل او نادماً ، في الليل كان قتله للصيد ام في النهار ، محرماً كان بالعمرة اذ قتله او بالحج كان محرماً ؟ فتحيّر يحيى بن اكثم وبان في وجهه العجز والانقطاع ولجلج حتى عرف جماعة اهل المجلس أمره .
فقال المأمون : الحمد لله على هذه النعمة والتوفيق لي في الرأي ثم نظر الى أهل بيته فقال لهم : اعرفتم الآن ما كنتم تنكرونه ؟ فلما تفرق الناس وبقي من الخاصة من بقي ، قال المأمون لأبي جعفر (ع) : ان رأيت جعلت فداك ان تذكر الفقه الذي فصّلته من وجوه من قتل المحرم لنعلمه ونستفيده .

فقال أبو جعفر (ع) : نعم ان المحرم اذا قتل صيداً في الحلّ وكان الصيد من ذوات الطير ، وكان من كبارها، فعليه شاة ، فان أصابه في الحرم فعليه الجزاء مضاعفاً ، واذا قتل فرخاً في الحلّ فعليه حمل قد فطم من اللبن واذا قتله في الحرم فعليه الحمل وقيمة الفرخ ، فاذا كان من الوحش وكان حمار وحش فعليه بقرة ، وإن كان نعامة فعليه بدنة وان كان ظبياً فعليه شاة وان كان قتل شيئاً من ذلك في الحرم فعليه الجزاء مضاعفاً هدياً بالغ الكعبة .
واذا أصاب المحرم ما يجب عليه الهدي فيه ، وكان إحرامه بالحجّ نحره بمنى ، وان كان إحرامه بالعمرة نحره بمكة ، وجزاء الصيد على العالم والجاهل سواء ، وفي العمد عليه المأثم وهو موضوع عنه في الخطأ، والكفّارة على الحرّ في نفسه ، وعلى السيّد في عبده ، والصغير لاكفّارة عليه ، وهي على الكبير واجبة والنادم يسقط ندمه عنه عقاب الآخرة ، والمصرّ يجب عليه العقاب في الآخرة .
فقال المأمون : أحسنت ياأبا جعفر احسن الله اليك فان رأيت ان تسأل يحيى عن مسألة كما سألك .
فقال أبو جعفر (ع) ليحيى : أسألك ؟ قال : ذلك اليك جعلت فداك ، فإن عرفت جواب ما تسألني والا استفدته منك .
فقال له أبو جعفر (ع) : اخبرني عن رجل نظر الى امرأة في اول النهار فكان نظره اليها حراماً عليه ، فلما ارتفع النهار حلّت له ، فلما زالت الشمس حرمت عليه ، فلما كان وقت العصر حلّت له ، فلما غربت الشمس حرمت عليه ، فلما دخل وقت العشاء الآخرة حلّت له ، فلما كان وقت انتصاف الليل حرمت عليه ، فلما طلع الفجر حلّت له ، ما حال هذه المرأة وبماذا حلّت له وحرمت عليه ؟ فقال له يحيى بن اكثم : لا والله لا اهتدي الى جواب هذا السؤال ولا اعرف الوجه فيه ، فان رأيت ان تفيدناه .
فقال أبو جعفر (ع) : هذه أمة لرجل من الناس ، نظر اليها أجنبي في اول النهار فكان نظره اليها حراماً عليه ، فلما ارتفع النهار ابتاعها من مولاها فحلّت له ، فلما كان عند الظهر أعتقها فحرمت عليه ، فلما كان وقت العصر تزوّجها فحلت له ، فلما كان وقت المغرب ظاهَر منها فحرمت عليه ، فلما كان وقت العشاء الآخرة كفّر عن الظهار فحلّت له ، فلما كان نصف الليل طلّقها واحدة ، فحرمت عليه ، فلمّا كان عند الفجر راجعها فحلّت له .
قال : فأقبل المأمون على من حضره من اهل بيته فقال لهم : هل فيكم من يجيب هذه المسألة بمثل هذا الجواب، او يعرف القول فيما تقدم من السؤال ؟ قالوا : لا والله ان أمير المؤمنين اعلم وما رأى .

فقال : ويحكم! ان أهل هذا البيت خصّوا من الخلق بما ترون من الفضل ، وان صغر السنّ فيهم لا يمنعهم من الكمال.
اما علمتم ان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) افتتح دعوته بدعاء أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) وهو ابن عشر سنين ، وقبل منه الإسلام وحكم له به ، ولم يدع أحداً في سنّه غيره ، وبايع الحسن والحسين(عليهما السلام) وهما ابنا دون الست سنين ، ولم يبايع صبياً غيرهما ، أو لا تعلمون ما اختص الله به هؤلاء القوم؟! وانهم ذرية بعضها من بعض يجري لآخرهم ما يجري لاولهم .
فقالوا : صدقت ياأمير المؤمنين ثم نهض القوم .

3- وثمة مسألة اخرى تثبت تنبأ عن مقامه (ع) العلمي الرفيع وهي ان المعتصم جمع الفقهاء وقد أحضر الامام الجواد (ع) ، فسأل عن القطع في يد السارق، فمن أي موضع؟ فذهب بعضهم ان تقطع من الكرسوع فقال المعتصم: وما الحجة في ذلك؟ فقالوا: لأن اليد من الأصابع إلى الكرسوع.
لقوله تعالى في التيمم: ((…فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ…)) واتفق على ذلك جماعة.
وقال آخرون بل يجب القطع من المرفق، لأن الله تعالى يقول في الوضوء: ((…وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ…))، فدل على أن اليد إلى المرافق، فالتفت المعتصم إلى الامام الجواد (ع)، وقال: ما تقول يا أبا جعفر؟ فقال (ع): قد تكلم فيه يا أمير، قال: دعني مما تلكما به أي شيء عندك؟ قال (ع): إعفني من هذا.
قال: أقسمت عليك بالله تعالى لما أخبرت بما عندك فيه.
فقال (ع): أما إذا أقسمت عليّ بالله، إني أقول إنهم أخطأوا فيه، فإن القطع يجب أن يكون من مفصل أصول الأصابع ويترك الكف.
فقال: ما الحجة في ذلك؟ قال: قول رسول الله (ص): السجود على سبعة أعضاء: الوجه واليدين والركبتين والرجلين، فإذا قطعت يده من الكرسوع، لم يبق له يد يسجد عليها، وقد قال تعالى: ((وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ…)) يعني بهذه الأعضاء السبعة التي يسجد عليها، وما كان لله لم يقطع.
قال: فأعجب المعتصم ذلك وأمر بقطع يد السارق من مفصل الأصابع دون الكف.
ولكن هذه الحادثة كلفته (ع) حياته بسبب غضب العلماء على المعتصم لما اخذ به من قول الامام (ع) وترك اقوالهم، فجعلوا يكيدون له حتى دس المعتصم اليه السم وقضى به مسموما شهيدا.

كما اشار سماحته الى ان الامامة تعرضت في عهد الامام الجواد (ع) الى منعطف خطير بسبب صغر سنه، ولكن شاء الله ان يظهر الحق على يديه، فظهر للعامة والخاصة ما ابان للعالم من علمه وفضله على الجميع خصوصا في المجلس الذي عقد في المدينة المنورة وحضره اكابر العلماء من مختلف الامصار ووجهت فيه اليه الاسئلة المختلفة فاجاب عنها بكل وضوح وبدون تردد مما اذعن الحاضرون باعلميته وافضليته كابائه واجداده (ع).

وشاء الله ان يجعله المصداق الامثل لقوله تعالى ((وجعلناهم ائمة يهدون بامرنا واوحينا اليهم فعل الخيرات واقام الصلاة وايتاء الزكاة وكانوا لنا عابدين)) ((وجعلنا منهم ائمة يهدون بامرنا لما صبروا وكانوا باياتنا يوقنون)).

واحال سماحته الى التفصيل عن حياة هذا الامام العظيم الى كتب السيرة التي تحدثت عنه وعن وتاريخه (ع) بما يظهر للجميع فضله ومقامه العلمي على صغر سنة.

وختم الخطبة بقول الشاعر: 

خمسة وعشرون انقضت لكنما            فيها انجلى من نوره الاظلام 
تلك السنون حوافل بعطائه            وقد ارتوت بمداده الاقلام 
ان لم يطل عمر الجواد فانه            اغنى العقول فاشرق الالهام 

وفي الختام نقل تحيات سماحة مرجعنا المعظم (مد ظله) ودعاؤه لهم، وطالبهم بالدعاء لنصرة الاسلام والمسلمين وحفظ المؤمنين في كل مكان، وان يكفهكم شر الارهاب والارهابين، كما اوصاهم بالالفة والوحدة فيما بينهم والمحافظة على امن البلاد وارواح العباد ورعاية القوانين المعمول بها. 
هذا وقد حظر الصلاة عدد كبير من مختلف الجنسيات من افارقة وجزائرين وباكستانيين وغيرهم 
كما وتفقد المبنى الجديد للمركز الزيني وبارك للمؤمنين في هذا المشروع

محرر الموقع : 2016 - 09 - 02