بحضور ممثل المرجعية العليا في اوربا ...الدكتور خالد الملا رئيس جماعة علماء العراق::يقول ان تحديات مرحلة ما بعد داعش تتطلب اعادة النظر في علاقات العراق العربية والاقليمية والدولية.
    
الدكتور خالد الملا رئيس جماعة علماء العراق يقول:
• لزاما على الحكومة المركزية ان تاخذ على عاتقها زمام حماية الجبهة الداخلية وان توفر الملاذات الامنة بعيدا عن الفتك بهم من قبل الارهابيين بالسيارات المفخخة والاحزمة الناسفة
• على السادة النواب في العراق ان يعلموا ان مقاعدهم امانة في اعناقهم لحماية الشعب والدفاع عن مصالحه العامة، لا الترويج لاحزابهم وافكارهم وصراع الاخر.
• ان تحديات مرحلة ما بعد داعش تتطلب اعادة النظر في علاقات العراق العربية والاقليمية والدولية.

 

جاء حديثه هذا في الندوة المفتوحة التي عقدت في مؤسسة الامام علي (ع) في لندن بمناسبة احتفالات عيد الغدير وبحضور ممثل المرجعية العليا في اوربا وجمع من العلماء والمثقفين والمفكرين والسياسيين، تحت عنوان (المستجدات السياسية واثر فتوى المرجعية على التلاحم الوطني في العراق) مبتدءا حديثه بقوله:

بداية لابد من الاشارة الى يوم الغدير وعيده الاغر وهذا اليوم يدفعنا الى الحديث الى شخصية سيدنا على بن ابي طالب عليه السلام والذي لايختلف اثنان على علو قدره ونبل إمامته وقيادته وشجاعته وقربه الى رسول الله صلى الله عليه واله وصحبه وسلم، ولابد ان نوظف هذه المناسبات في تقاربنا ووحدتنا وأن نقف صفاً واحدا امام التحديات المتنوعة ونسأل انفسنا اينا اخذ باخلاق (علي) وتواضعه وحرصه على الناس واموالهم ليجد نفسه هل هو مع (علي)، اما في خندق أخر وهذا الحديث يدفعنا أن نفهم ان فتوى المرجعية الدينية الرشيدة بالجهاد الكفائي هي الخنجر الذي قطع رأس الارهاب في العراق ، فنهاية داعش السريعة التي تنبأت مراكز القرار الدولية أنها قد تطول الى ثلاثين عاما حسمت خلال شهور قلائل بفضل الاندفاع الشعبي المستند الى الفتوى المباركة والتي انقذت العملية السياسية بل العراق باكمله من الخوض في بحر من الدماء .

باقتضاب سنتحدث عن نقاط ثلاث نعتقد أنها محاور أساسية لأي حديث عن المشروع الوطني ومستجداته على الساحة : 

المحور الاول :
لماذا داعش ؟ يجب أن نقر أن داعش لم تكن وليدة الصدفة ولم تنشأ من فراغ بل كانت كرة نار متدحرجة التهمت ما يقع أمامها فتحولت الى غول مرعب مفزع ماكان له أن يستطيل ويتمدد بهذا الكم والكيف لولا أخطاء سياسية وأمنية فضيعة الت بعدها الامور الى ظهور داعش الذي طرق ابواب بغداد وكربلاء والنجف وغيرها من المحافظات الهامة ولم يقتصدر على المحافظات السنية فحسب . 

المحور الثاني : 
لقد جاءت الفتوى المباركة في توقيت مناسب بل وعجيب للغاية لتقلب كل الموازين وتعبث بمقدرات الاعداء وحساباتهم وتجهز على افكارهم الشريرة والمريضة والعابثة ، فلا يوجد في الكون من كان يمكنه ان يشحذ همم الملايين من ابناء العراق ليصبحوا على الساتر الاول في مقارعة ابشع عدو في التاريخ المعاصر مثل جيش الفتوى كما اسميه …جيش الفتوى تمكن من تحقيق غايات مهمة للامة يمكن ان اوجزها باختصار:

اولا : اوقف المد الداعشي الذي وصل الى حدود محافظة بابل وطرق ابواب بغداد وحاذى محافظتي النجف وكربلاء من جهة الصحراء بفعل الهمة العالية والاندفاع السريع للتصدي.كما انه انقذ محافظة ديالى من السقوط بالكامل في يد داعش ماكان سيمثل كارثة كبرى بفعل ما كان التنظيم سيركتبه من مجازر بحق اهلها .

ثانيا : اسهم التشكيل السريع للجيش العقائدي للحشد الشعبي في بث الرعب في قلوب الارهابيين ونشر الرعب في اوصالهم بعد ان كانت معنوياتهم في اعلى مستوياتها بعد سقوط الموصل تلتها صلاح الدين في ايدي التنظيم الارهابي.

ثالثا : لقد ضغطت الفتوى على القوى السياسية لتعيد اصطفافها في خانة محاربة الارهاب بعد التسيب الذي ساد المشهد السياسي في الفترة التي سبقت ورافقت ظهور داعش فكانت جميع تلك القوى تشعر بهيبة الشعب العراقي وقدرته الجديدة على الصمود والتضحية ما اسهم في نقل العملية السياسية من ملعب القوى السياسية الى ارادة الشارع . 

رابعا : لقد قضت الفتوى على احلام تفتيت وحدة العراق وعملت على ايجاد المناخات الملائمة لولادة واقع جديد يتحد فيه الجميع لمقاتلة عدو مشترك واحد ممثلا بالارهاب .

خامسا : بعد اعوام من بث الفرقة والتمزيق والحرب الطائفية والمذهبية نجحت الفتوى في خلق مناخات وطنية مهمة حين قاتل ابن الجنوب دفاعا عن المناطق السنية وضحى بدماءه لاستعادتها من ايادي المرتزقة والارهابيين وهذا نقل المعركة الى مواقع متقدمة اختلفت فيها الخنادق فبدلا من ان يتقاتل الاخوة فيما بينهم صار الجميع يقاتلون عدوا واحدا اسمه داعش .



المحور الثالث : مابعد داعش. 
ان الحديث عن الخطر الداعشي والخطر الذي كان يحيق بالامة والشعب العراقي ولازال لا يقل اهمية عن الحديث عن مرحلة ما بعد داعش والتي نعتقد ان هناك اشارات مهمة يجب الوقوف عندها تتضمن الاتي : 

اولا : هناك حديث مستفيض وواسع عن اعادة اعمار المناطق التي دمرها داعش والتي تتضمن بنى تحتية مدمرة بالكامل ومناطق وصلت فيها نسبة الضرر الى سبعين وثمانين وحتى تسعين في المئة في الانبار بوجه الخصوص ناهيك عن بعض مناطق صلاح الدين ونينوى لاحقا ما يعني ارباك الخزينة العراقية وانهاك الاقتصاد الوطني بحملات اعمار وبناء قد تستهلك العشرات من المليارات بالاضافة الى سنوات طوال ما يعني ادخال العراق في مستنقع المديونية الخارجية الذي لا يمكن الخلاص منه بسهولة. 

ثانياً : ان اعادة اللحمة الوطنية يتطلب القفز على المناطقية والمذهبية وان يركز الجهد الوطني الحقيقي في اعادة الاعمار وغرس الثقة المتبادلة بين جميع مكونات الشعب العراقي والافادة من روح التضحية والفداء التي قدمها ابناءنا المقاتلين في الميادين بدلا عن أجندات التقسيم والفرقة والاقلمة التي لم تجلب للعراق سوى التشرذم والضياع وغياب القرار الوطني والاقليمي .

ثالثا : ان تحديات مرحلة ما بعد داعش تتطلب اعادة النظر في علاقات العراق العربية والاقليمية والدولية والخروج من دائرة الصراع المناطقي والاقليمي والدخول في مرحلة جديدة من علاقات حسن الجوار مع الدول المحيطة والتي لا تتاتى الا بتقديم انموذج من المصالحة الوطنية الحقيقية الذي لا يعفو عن القتلة بل يكفل بث الثقة بين ابناء المجتمع بالتجربة السياسية الوطنية ومالات صناعة القرار وطنيا . 

رابعاً : صار لزاما على الحكومة المركزية ان تاخذ على عاتقها زمام حماية الجبهة الداخلية وان توفر الملاذات الامنة للناس بعيدا عن الفتك بهم من قبل الارهابيين بالسيارات المفخخة والاحزمة الناسفة فالانتصارات التي حققتها القوات المسلحة والحشد الشعبي وابناء العشائر يجب ان تقابل باجراءات مقابلة من قبل الاجهزة الامنية والاستخبارية لحماية المدنيين الامنين في الشوارع والاسواق والساحات.

خامساً : يجب على مجلس النواب الركون الى تشريعات هامة تخص مستقبل الفرد العراقي وان تتوقف الحرب النيابية بين الكتل النيابية المختلفة وان ينتبه السادة النواب الى ان مقاعدهم امانة في اعناقهم لحماية الناس والدفاع عن مصالح العامة لا الترويج لاحزابهم وافكارهم والصراع مع الاخر وان اهم واول المصالح هي التشريعات والقوانين المعطلة ثم ملفات الفساد واختيار الرجال والنساء المناسبون لشغل المقاعد الوزارية والادارية الهامة في البلد.

سادسا : ان القضاء على المحاصصة الطائفية سواء بين الاحزاب السياسية او القوى الحاكمة او في داخل مجلس النواب او المؤسسات القضائية والامنية والرقابية والتربوية وغيرها هو السبيل الامثل لبناء مجتمع عراقي ينعم بالسلام ما بعد داعش ..فلا سبيل لان ننعم بالامن والاستقرار الحقيقي دون سلام ينبع من الداخل السياسي الحاكم .

محرر الموقع : 2016 - 09 - 20