مؤسسة بحثية تكشف عن وجود مليوني مهجّر داخلياً
    

بغداد/ المدى برس 

أكدت مؤسسة بحثية مستقلة، أن هنالك أكثر من مليوني مهجر ما يزالون منتشرين في المحافظات العراقية ودعت الكتل السياسية لتهدئة الوضع وعدم جر البلاد لحرب طائفية ثانية في وقت لم تعالج آثار الأولى بعد، في حين انتقدت مختصة نرويجية إجراءات الحكومة العراقية الخاصة بمعالجة مشكلة المهجرين والنازحين لما تتسم به من "غموض وعدم ملاءمة" لمتطلبات هذه الشريحة، طالبت بالتعامل معها كمشكلة حقيقية وعلى وفق المعايير العالمية.

جاء ذلك خلال مراسيم إطلاق مؤسسة (مدارك) دراسة أعدتها بالتعاون مع المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، ومجلس اللاجئين النرويجي، بشأن وضعية اللاجئين والنازحين داخل العراق، على إثر العنف الطائفي الذي مر بالبلاد خلال السنوات الماضية، وذلك اعتماداً على عينة من ألف عائلة في أربع محافظات هي بغداد ونينوى والأنبار وديالى، وبالتركيز على أهم أسباب التهجير والستراتيجيات الحكومية المتبعة لمعالجة هذا الملف.

أكثـر من مليوني مهجّر . .  وقد  يزيدون

ويقول مدير مؤسسة (مدارك) مزهر جاسم الساعدي، في حديث إلى (المدى برس)، إن "الدراسة لم تغط محافظات العراق كافة بل اعتمدت على أربع محافظات فقط هي بغداد ونينوى والأنبار وديالى، نظراً لتنوع هذه المحافظات دينياً ومذهبياً وعرقياً وما شهدته من أعمال تهجير ونزوح من جراء ذلك"، مبينا أن "الدراسة لم تأخذ بنظر الاعتبار الأفراد بل اعتمدت في مسحها على العوائل إذ تناولت عينة من ألف منها أي نحو تسعة آلاف فرد في المحافظات الأربع".

ويضيف الساعدي، أن هذه "الدراسة أظهرت حالات مخيفة مثل الطلاق القسري وتهجير العوائل من قبل جيرانهم أو أشخاص قريبين منهم فضلاً عن الحالة المزرية التي يعانيها الأطفال نتيجة التهجير بعد أن حرموا من التعليم والعناية الصحية وتعرضوا لانتكاسات نفسية"، مبيناً أن "ملف المهجرين والنازحين في الداخل يحتاج إلى مجهود وطني كبير وتكاتف جميع مؤسسات الدولة لإنهائه".

ويوضح مدير مؤسسة (مدارك)، أن "أكثر من مليوني مهجر ما يزالون منتشرين في المحافظات العراقية"، ولفت إلى أن "الدراسة ستقدم إلى مجلس الوزراء والوزارات المعنية ومنظمة الأمم المتحدة لاعتمادها في معالجة ملف النازحين".

ويدعو الساعدي الكتل السياسية والأطراف المشتركة في العملية السياسية إلى "تهدئة الوضع وعدم جر البلاد إلى حرب طائفية ثانية لأن مشاكل الحرب الأولى التي جرت خلال السنوات الماضية لم تعالج حتى الآن"، مبينا أن من "أهم تلك المشاكل التهجير والنزوح وما نجم عنهما من ظواهر اجتماعية سلبية وخطيرة تعيق بناء الدولة".

متخصصة نرويجية: مشكلة حقيقية ينبغي التعامل معها بمعايير عالمية

من ناحيتها، تدعو مسؤولة الحماية والمناصرة في مجلس اللاجئين النرويجي، سارة الياسي، الحكومة العراقية ومؤسساتها المهتمة بموضوع المهجرين والنازحين إلى "اعتماد الدراسة التي أعدتها مؤسسة مدارك لتغيير خططها الموضوعة لحسم هذا الملف".

وتقول الياسي، في حديث إلى (المدى برس)، إن على "وزارة الهجرة والمهجرين العراقية توسيع إجراءاتها وتأمين ميزانيات أكبر لحسم ملف المهاجرين والنازحين داخل البلد"، معتبرة أن "الإجراءات المتبعة من قبل وزارة الهجرة والمهجرين لا تتناسب وحجم المشاكل التي يعانيها أكثر من مليوني مهجر ونازح في عموم العراق".

وتلفت مسؤولة الحماية والمناصرة في مجلس اللاجئين النرويجي، إلى أن "القوانين التي تتبعها الحكومة العراقية ووزاراتها، ومنها تلك المعنية بحقوق الإنسان، لرعاية المهجرين والنازحين تتسم بالغموض وعدم الوضوح"، مطالبة "الحكومة بإعادة النظر فيها ومراجعتها لأنها لا تتناسب مع متطلبات هذه الشريحة".

وتبين الياسي أن "الدراسة التي أطلقناها اليوم، تؤكد أن الأوضاع الاقتصادية والأمنية والخدمية الضرورية متردية جداً بالنسبة لشريحة المهجرين وتحتاج إلى وقفة حقيقية".

وتخلص الياسي، أن على "الحكومة العراقية أن تتعامل مع ملف المهجرين والمهاجرين على وفق المعايير العالمية وأن تنظر للموضوع على أنه مشكلة حقيقية ينبغي التعامل معها بموجب حزمة قوانين مختلفة تتناسب وحجم المشكلة".

وتعتبر لجنة التخطيط في مجلس محافظة بغداد، أن "الدراسة الخاصة بملف المهجرين مهمة جداً لتكوين قاعدة بيانات جديدة للمؤسسات الحكومية"، وتدعو في الوقت نفسه إلى ضرورة "معالجة المشاكل الاجتماعية التي أفرزتها مشكلة الهجرة والنزوح".

ويقول محمد الربيعي، في حديث إلى (المدى برس)، إن "ملف المهجرين لدى وزارة الهجرة والمهجرين قد أغلق تقريباً على اعتبار أن عودة العوائل النازحة أصبحت بطيئة جداً"، مشيراً إلى أن "عملية الهجرة والنزوح أفرزت الكثير من المشاكل الاجتماعية التي يجب الوقوف عندها وحلها بأسرع وقت ممكن حتى لا تكون عائقاً أمام بناء مجتمع عراقي جديد".

غياب آثار علامات السؤال والتعجب

ولوحظ أن الوزارات المختصة لاسيما تلك التي يرتبط عملها بموضوع الهجرة وحقوق الإنسان، غابت عن المناسبة، برغم توجيه الدعوة لها للحضور، مما أثار أكثر من سؤال وعلامة تعجب في آن معاً.

وكان وزير الهجرة والمهجرين، ديندار نجمان دوسكي،  قد أعلن نهاية العام 2012 المنصرم عن عودة أكثر من 113 ألف أسرة نازحة في داخل العراق أو خارجه منذ العام 2006، فضلاً عن عودة أكثر من 52 ألف أسرة مهاجرة في أوقات سابقة.

يذكر أن وزارة الهجرة والمهجرين، أكدت أنه تم تسجيل عودة عدد كبير من العوائل من النزوح الداخلي والهجرة من الخارج إلى العاصمة بغداد خلال السنوات الماضية، وشمولها بمنح الوزارة البالغة أربعة ملايين دينار بهدف تشجيعهم على العودة الطوعية، التي تعتبر من أهداف الوزارة الستراتيجية.

محرر الموقع : 2013 - 03 - 09