ممثل المرجعية العليا في اوربا :يقول يجب الاقتداء بالسيرة النبوية العطرة لانها تمثل قمة الفضائل والكمالات وجوهر الاخلاق التي بعث من اجلها الانبياء
    
ممثل المرجعية العليا في اوربا يعزي العالم الاسلامي بشهادة النبي الاكرم (ص) ويقول :
• يجب الاقتداء بالسيرة النبوية العطرة لانها تمثل قمة الفضائل والكمالات وجوهر الاخلاق التي بعث من اجلها الانبياء
• لو ان المسلمين ساروا على نهج النبوة واهل بيت العصمة والطهارة (ع) لما تسلط عليهم الاشرار في هذا العصر
• لو ان الدول التي تنفق ملايين الاموال على التسليح ينفق نصفها على عمارة بلدانها وتنمية اقتصادها ومساعدة فقرائها لما احتاج مسلم وجاع فقير

 

تطل علينا الذكرى السابعة والعشرون بعد الأربعمائة وألف من شهادة النبي المصطفى (ص) في وقت يتطلع فيه الإنسان للوصول إلى أوج العلم والمعرفة والرأفة والرحمة والتسامح والمحبة التي جاء يمثلها بهديه وخلقه الكريم حسبما وصفه القرآن: ((وما أرسلناك الا رحمة للعالمين)) ((وانك لعلى خلق عظيم)) فكان (ص) منارا في الكمالات الإنسانية والاجتماعية والأخلاقية بكل مفردات حياته، ولو اطلعت البشرية على هذه السيرة الشريفة واقتدت بها كما أمر القرآن ((لقد كان لكم في رسول الله اسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الاخر وذكر الله كثيرا)) واعتبرتها هي الأسوة الحسنة في حياتها لعاش العالم كل العالم بخير. ولكننا نرى ومع شديد الأسف، أن المسلمين اليوم يترنمون ويتبجحون بسيرة النبي (ص) ودستوره العظيم قولا ويتناسونها عملاً. فلهذا أصبحوا في حالة من التباغض والتناحر والاقتتال فيما بينهم، وهو الذي نهاهم القرآن عنه ((ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم)). 

هذا، ومادمنا في هذه الأجواء الروحية فلا بأس بنا أن نمر ببعض مفردات هذه الشخصية التي كانت مصدر إشعاع للخير والبركة تضيء للبشرية الطريق وتوضح لهم المنهج. فلا بد من ان نطلع على أقواله وأحاديثه ومواقفه مع العمل بها، وإلا فسنكون كأولئك الذي ينقلون ويجمعون ما ينقل عنه دون أن يدركوا مغزى تلك الثروة الفكرية. وقد شبه القرآن أمثال هؤلاء بقوله: (( كمثل الحمار يحمل أسفارا)). إذن، فما أحوجنا اليوم إلى أن نتعمق في أقواله ومواقفه لنكون أقرب إلى منهجه القويم الذي يرشدنا ويهدينا إلى الصراط المستقيم.

أيها الأحبة، إن مسؤوليتنا اليوم كمبلغين ورساليين أن نوصل هذه المواقف من سيرة النبي المصطفى (ص) إلى شبابنا وأجيالنا لتكون لهم منهاجا وصراطا مستقيما في حياتهم الدينية والأخلاقية والتربوية والسلوكية. 

فنظرة واحدة إلى موقف من مواقفه (ص) كفيلة بأن تنير لنا الطريق لمسافات بعيدة. فلهذا وغيره يتوجب علينا الاقتداء به، لنحرر الإنسان والإنسانية من الأنانية والعبودية وحب الذات وحب المصالح، ونستبدلها بحب الله وحب الخير لأنفسنا ومجتماعتنا. 

فما أحرانا ونحن نعيش هذه الأجواء أن نعكس للعالم شخصية النبي (ص) بما تمثله من رسالات الأنبياء التي جاءت لصلاح وإصلاح الإنسان وهدايته إلى القيم والمثل التي أرشدت اليها الرسالات السماوية.. ((لقد من الله على المؤمنين اذ بعث فيهم رسولا من انفسهم يتلو عليهم اياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وان كانوا من قبل لفي ضلال مبين)). فهاك جانبا من شخصيته التي عرفت بالعفو والسماحة والمحبة والسلم والسلام حتى مع ألد أعدائه. وقد ذكر لنا التاريخ أنه (ص) عفا عن وحشي قاتل عمه الحمزة، كما عفا عن المرأة اليهودية التي قدمت له شاة مسمومة، وعفا عن أبي سفيان الذي قاد الجيوش لحربه، فجعل (ص) الداخل إلى داره آمناً من القتل، وعفا عن قريش التي حاربته أشد المحاربة ووقفت بكل كيانها وكبريائها وما أوتيت من قوة وحزم، وإذا به (ص) وهو في أوج قوته وسلطته وسطوته يجمعهم ويسألهم عما هو فاعل بهم بعد ذلك الإيذاء والعداء الشديد، الذي كان مبررا لقتلهم أو نفيهم، فأجابوه وهم يعرفون أن قلبه ملؤه الرأفة والرحمة بقول واحد: أخ كريم وابن أخ كريم، ملكت فاسمح، فقال (ص): لا تثريب عليكم اليوم، اذهبوا فأنتم الطلقاء. 

فأين أولئك الذين يدعون الإسلام من هذه السيرة العطرة وهذه الروح العالية في التسامح والعفو، وأين المسلمون عن ملامح هذه الشخصية العظيمة التي بعثت رحمة للعالمين، فلو انهم اتبعوها وساروا على نهجها الشريف وخلقها الرباني الرفيع لعاش العالم كل العالم بخير وسعادة وامن وامان وسلم سلام ((وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَـكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ)) الا انهم كانوا -ومع شديد الأسف- كما وصفهم النبي (ص) بقوله (ولكنكم غثاء كغثاء السيل، يجعل الوهن في قلوبكم، وينزع الرعب من قلوب أعدائكم.. لحبكم الدنيا، وكراهيتكم الموت) ، فلذا نراهم اليوم يتخبطون ركعا وسجدا على أبواب الأعداء يطلبون منهم النصرة والاستعانة رغم ما متعهم الله به من الكثرة، اذ هم اليوم يشكلون اكثر من خمس سكان الكرة الارضية عددا، ومن الناحية الاقتصادية فعندهم الذهب الابيض والاسود ويتحكمون بأهم ممرات العالم، وفيهم من الكفاءات والقدرات العلمية والعقلية ما شاء الله، ولديهم ترسانات من الاسلحة المختلفة الخفيفة منها والثقيلة ، قد ادخروها للقضاء على اخوانهم بدل اعداءهم وذلك ارضاءا لاسيادهم وتحقيقا لرغباتهم عكس ما وصفهم القران، رحماء باعدائهم اشداء على اخوانهم لا ضمير انساني يمنعهم ولا قانون يصدهم ولا شرف يردعهم اولئك هم المعنيون بقوله تعالى ((قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً ، الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً ، أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْناً)) فلو ان الملايين من اموال المسلمين التي وظفت لشراء الاسلحة عمروا بها بلدانهم واوطانهم ونموا مداخلها وقووا اقتصادهم وساعدوا فقراءهم ومحتاجيهم لما جاع مسلم وافتقر. 

ونحن بين هذا التطرف وتلك الرحمة الالهية نعيش هذه الايام بمأساة شهادة هذا النبي العظيم (ص) الذي كان ملؤه رحمة للعالمين غير ان الحكمة الربانية اقتضت ان يقبضه الله اليه (قبضة رأفة واختيار ورغبة وايثار، فرسول الله عن تعب هذه الدار في راحة، قد حف بالملائكة الابرار ورضوان الرب الغفار ومجاورة الملك الجبار) قد ترك الامة في لوعة وحزن وحسرة ودمعة، فتلك هي والله النازلة الكبرى والخسارة العظمى، فيالها من خسارة لا تعوض، فوداعا لك يارسول الانسانية والمحبة الذي كنت بالمؤمنين رؤف رحيم. 

فسلام عليك يوم كنت نورا في الاصلاب الشامخة والارحام المطهرة لم تنجسك الجاهلية بانجاسها ولم تلبسك المدلهمات من ثيابها. 
وسلام عليك يوم ولدت ويوم عشت ويوم تبعث حيا، قد منحت الشفاعة الكبرى التي تشفع بها للمذنبين والعاصين من امتك ممن لم تتلطخ ايدهم بدماء الابرياء. 
والسلام عليك يار سول الله ورحمة الله وبركاته.

محرر الموقع : 2016 - 11 - 28