الفكر المتطرف يغزو المجتمعات الغربية ويؤرق المجتمع الدولي
    

«اليونسكو» تبحث سُبل مكافحة تجنيد الشباب عبر الانترنت
باريس – راجحة عبود
تداول خبراء ومحللون دوليون خلال ندوة اقامتها منظمة الامم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة "اليونسكو"، دور الانترنت في انخراط الشباب ضمن صفوف التنظيمات الإرهابية، والسعي لإيجاد السبل الكفيلة لمكافحة التطرف لدى هؤلاء المغرر بهم وبعضهم جامعيون. 
الندوة التي عقدت في باريس مؤخرا، بُحث فيها مخاطر التجنيد الارهابي التي تضاعفت عبر الشبكة العنكبوتية، خلال مطلع العام الجاري بنسبة 70 بالمئة، كما حُذر فيها من ارتفاع عدد ارهابيي "داعش" الاجانب، ممن تسللوا هاربين من بلدانهم إلى معاقل التنظيم التكفيري في منطقة "الشرق الاوسط".
احصائيات متواترة، تفيد بان قرابة 50 الف حساب على "تويتر" يدعم "داعش" في الغرب بمعدل الف متابع للحساب الواحد، كما يوجد أكثر من 25 الف متطرف في كل من سوريا والعراق وليبيا واليمن وأفغانستان، ينشطون على المواقع الالكترونية.
ويعتبر الانترنت أداة فعالة بيد الإرهابيين لنشر الكراهية والعنف وتجنيد الشباب والشابات من الذين تقدر أعمارهم من 15ــ 35 عاما، ما يؤدي إلى نشوء خلايا متشددة في العالم الافتراضي تشجع على الإرهاب.
ولمواجهة هذا "التطرف الرقمي"، دعت المديرة العامة لـ"اليونسكو" ايرينا بوكوفا، الى "تعزيز وتوفير فرص تعليم واكتساب مهارات مشتركة بين الثقافات من أجل دراية أعمق في ما يخص وسائل الإعلام والمعلومات".
وأوضحت بوكوفا خلال الندوة، ان منظمتها تدعم استخدام الانترنت وتكنولوجيا المعلومات ووسائل الاتصال الحديثة، لتكون "منتديات للشباب" هدفها "المشاركة الإيجابية، ونشر السلام واحترام حقوق الإنسان وكرامته، وكذلك فسح المجال أمام الحوار وإيجاد تفاهم متبادل بين البشر".
الندوة التي شارك فيها ممثلي الدول الاعضاء في المنظمة الاممية، شددت على ضرورة ايحاد أدوات فعالة يتم فيها التصدي للتطرف، عبر دعم الجهود المبذولة في اطار فهم أكثر وضوحا للاستخدامات الخاطئة للانترنت.
وقدمت "اليونسكو" مشروع "رائد" للمساعدة في تمكين الشباب من مواجهة التشدد والتطرف عبر الانترنت، وتحقيق طموحاتهم في الإسهام ببناء عالم يتسم بالسلمية.
وتقول بوكوفا بهذا الصدد: "من الضروري أن نوفر الدعم للشابات والشبان، بتزويدهم بمهارات وفرص جديدة والارتقاء بحقوق الإنسان من خلال الانترنت وإتاحة أشكال جديدة للحوار المشترك بين الثقافات".
المؤتمرون ناقشوا رؤى وخبرات الحكومات والمنظمات الدولية ومراكز الابحاث والدوائر الأكاديمية وكذلك شركات الانترنت حول هذا الموضوع المهم، فيما تم التركيز على ضرورة اشراك الشباب لإنجاح هذه المهمة.
ويأتي انعقاد هذه الندوة، في وقت أصبحت فيه مسألة انضمام أشخاص ولدوا أو نشأوا منذ الصغر في مجتمعات غربية إلى تنظيم "داعش" ظاهرة خطيرة تثير اهتمام الحكومات الغربية ومراكز الأبحاث على حد سواء.
يشار الى ان العديد من الدراسات قد اجريت حول الخلفيات الاجتماعية والنفسية لبعض الأجانب المنضمين للتنظيم الاخطر في العالم، وتوصلت في مجملها إلى "وجود تباينات وفروق فردية بينهم، وأنه لا يوجد تفسير واحد أو نمط مشترك يمكن تعميمه على الجميع".
الدراسات بينت أن أغلب المنضوين تحت لواء "داعش" من دول غربية ينتمون إلى الجيلين الثاني والثالث من المهاجرين إلى تلك البلدان، ويرجع بعض المحللين ذلك إلى "أزمة الهوية التي يعانيها الشباب المهاجر والناتجة عن ابتعادهم عن ثقافة الإباء".
يضاف الى ذلك "إحساسهم بالتهميش في المجتمعات الغربية التي يعيشون فيها، رغم أنهم مواطنين ويحملون جنسيات هذه الدول"، فيما يرى البعض أن هذه الحالة تولد شعوراً بالغضب الكامن ينعكس في انجذابهم للأيديولوجية المتطرفة.
ويبدو غياب التواصل الأسري واضحا فيما يتعلق بالشباب المنضم لـ"قطيع التكفيريين" حيث كثيرا ما يُكشف عن انضمام بعض الشباب إلى "داعش" بصدمة من الأسر التي لم تدرك أن أبناءها لديهم مثل هذه الميول.
كما ان للمساجد دور أيضا في عملية جذب الشباب إلى التطرف، حيث يلجأ  إليها المهاجرون المسلمون للتعرف على شؤون دينهم وممارسة شعائرهم، لكن الكثير من دور العبادة تلك تحول إلى مراكز لنشر الأفكار المتطرفة.

محرر الموقع : 2015 - 06 - 30