الاتحاد الأوروبي مهاجمًا تضييق بريطانيا لمنافذ الهجرة: خوف مَرَضي من الأجانب
    

بعدما أعلن رئيس الوزراء البريطاني مجموعة من الإجراءات الجديدة الهادفة إلى تضييق المنافذ أمام المهاجرين إلى بلاده، أصدر الاتحاد الأوروبي رد فعل غاضبًا وصريحًا، وصف هذه السياسة بأنها «تفتقر إلى الذكاء، وذات غرض سياسي ضيّق الأفق».

 

صلاح أحمد: شنّ الاتحاد الأوروبي هجومًا عنيفًا على حكومة رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون عندما وصف إجراءاتها الأخيرة لتضييق المنافذ أمام المهاجرين بأنها «خوف مَرَضي من الأجانب». وقال إن حديثها عمّا تسميه «سياحة إعانات الدولة» (الوافدين للعيش عالة على أموال دافع الضرائب البريطاني) «يفتقر الى الذكاء».

مضلل وغير ذكي
جاء هذا الهجوم على لسان لاسلو أندور، المفوّض الأوروبي للتوظيف والشؤون الاجتماعية، خلال حوار أجرته معه صحيفة «أوبزيرفر»، ونقله عنها معظم وسائل الإعلام البريطانية، لكونه صريحًا ومباشرًا.

وقال: «تحميل المهاجرين والفقراء وزراً ليس جنايتهم، واتخاذهم مشجبًا لتعليق الفشل الاقتصادي عليه، ليس بالأمر غير المسبوق في تاريخ الدول. لكنه مضلل عن الحقائق أولًا، ولا يتصف بالذكاء ثانيًا».

ومضى أندور قائلًا: «أعتقد أن ما يتوجب على رئيس الوزراء فعله هو أن يشرح الحقائق لمواطنيه، وأن يصحح سوء الفهم السائد وسطهم عن الهجرة والمهاجرين (خاصة من دول الاتحاد الأوروبي في شرق القارة)، وأن يكفّ عن استخدام تعابير، مثل «سياحة إعانات الدولة» وما شابهها، فقط من أجل إرضاء الرأي العام.

بحاجة إلى المهاجرين
«الواقع هو العكس»، يؤكد أندور، وهو اقتصادي مجري، «لأن المهاجرين مفيدون للغاية بالنسبة إلى بريطانيا واقتصادها. فهم يسدّون النقص في مجال العمالة الماهرة، وبالتالي فهم يدفعون ضرائب، ويساهمون في صندوق التأمينات القومية بمستويات أعلى من المتوسط السائد، وقطعًا أعلى مما يدفعه معظم العاملين البريطانيين».

ومضى المفوّض الأوروبي يضيف: «فليتذكر رئيس الوزراء أن من أبجديات الاقتصاد الجماعي أن حرية حركة العمال أساسية للسوق الأوروبية الموحدة. وليتذكر أيضًا، وبشكل خاص، أن مئات آلاف البريطانيين يعملون في سائر الدول الأوروبية الأخرى. فهل يريدها حركة ذات اتجاه واحد؟، أعتقد أن سياسته ضيّقة الأفق».

إجراءات صارمة
وفي خطاب ألقاه في مطلع الأسبوع الماضي، أظهر كاميرون امتعاضه إزاء ما يسمّيه «شيء مقابل لا شيء». ويقصد به الانطباع السائد وسط مواطنيه المعارضين عمّا يعتبرونه «تدفقًا للمهاجرين بلا رادع». وأعلن كاميرون قراره بتشديد إجراءات الدخول للمهاجرين المحتملين عمومًا، وفرض شروط جديدة على أولئك القادمين من دول الاتحاد الأوروبي (أوروبا الشرقية، وخاصة دولها المنضمة حديثًا إلى الاتحاد الأوروبي).

لهذا قال كاميرون إنه سيضع ستة أشهر حدًا أقصى لتلقي الوافدين الجدد (بمن فيهم مواطنو الاتحاد الأوروبي) إعانات الدولة بعد دخولهم البلاد. وهذه فترة يقول إنها معقولة وكافية لأن يجد الوافد عملًا يدعم به نفسه، ويدفع منه ضرائبه للدولة، أو تُقطع عنه تلك الإعانات.

في ما يتعلق بالسكن، الذي توفره المجالس البلدية للفقراء من الوافدين، فسيكون عليهم الانتظار لفترة تتراوح بين سنتين وخمس سنوات، قبل حصولهم على حق نيلها.

ومن الإجراءات، التي يسعى إلى فرضها رئيس الوزراء بخصوص تلقي الوافدين الجدد العلاج المجاني في عيادات الدولة ومستشفياتها، أن يصبح إبراز شهادة تثبت تمتعهم بالتأمين الصحي الخاص المدفوع من أموالهم من أوائل شروط منحهم تأشيرة دخول إلى البلاد.

يذكر أن هذه الإجراءات غير المسبوقة تأتي كسبب مباشر للمخاوف الواسعة النطاق من طوفان مهاجرين سيأتون، كما يُقال، من رومانيا وبلغاريا، عندما يحق لهم التنقل والعمل داخل أوروبا بدون تأشيرات دخول ابتداء من نهاية العام الحالي.

اعتبارات سياسية
قال المفوّض الأوروبي للتوظيف والشؤون الاجتماعية في حواره مع الصحيفة البريطانية إن اللجنة الأوروبية «طلبت مرارًا وتكرارًا من حكومة ديفيد كاميرون أن تبرز أياً من الأدلة على الدوافع التي تقف وراء إجراءاته الجديدة، لكنها لم تتلق شيئًا حتى الآن».

وكانت «إيلاف» قد أوردت، عقب خطاب كاميرون الأخير، أن السبب وراء كل هذا يأتي مشوباً بالاعتبارات السياسية الواضحة. فليس سرًّا أن هذه الإجراءات تأتي أيضًا بسبب خوف حكومة ديفيد كاميرون من تنامي التأييد وسط الناخبين لحزب «استقلال المملكة المتحدة»، المعروف باسمه المختصر UKIP «يوكيب». وتأسس هذا الحزب - المعارض لبقاء بريطانيا داخل الاتحاد الأوروبي وللهجرة والمهاجرين - في 1993، ووقف زمنًا طويلًا على أقصى هامش اليتار السياسي الرئيس في بريطانيا.

لكن الحزب بدأ يشتد عودًا في السنوات الأخيرة، ويجتذب إليه قطاعات، حتى من أولئك الذين لا يحملون آراء يمينية متطرفة بالضرورة. وهكذا صار شوكة في جنب الأحزاب الرئيسة التقليدية («المحافظون» و«العمال» و«الليبرالي الديمقراطي») لأنه صار «يسرق» أعدادًا متزايدة من مناصريهم، بفضل سياسته الرامية إلى «تنظيف» البلاد من المهاجرين.

إيلاف

محرر الموقع : 2013 - 04 - 01