الوطنية وثقافة التسامح في المجتمع العراقي
    

د . رزاق محمود الحكيم

 

    لايمكن للوطــن أن ينهض ، وأن يزدهر إلا بأبنـــــائه المخلصين الذين يتنافسون ويجتهـــدون من أجل ترقيتـــه وتعميــره ، وترقية الإنسان الذي يعيش فيه ، كي يتعــاون مع غيره من الناس بروح الوطنية والإنسانية والمحبة والتسامح ، ومهما اختلفت المكونات العرقيــــة والدينية والمذهبية ، فإنهـــــا تنصهر وتتوحد في الحس الوطني والاجتماعي والإنساني . إن الازدهار العلمي والاقتصادي والعمراني لايتحقق إلا بالاستقــــرار السياسي والأمني وسيــادة القانــــون والعدالة الاجتماعية ، حينهـــــا يشعر المواطن بالأمان ، وينصرف إلى العمل والإنتاج حباً في الخيـر وتشوقاً إلى المعروف . ومن هنا بدأ الشعور بالألفـــــة ، والانعطاف نحو الآخر يتبلور شيئاً فشيئا لدى المواطن العراقي بعد عهد التغيير عام 2003 ، حيـــن أشرقت شمس الحرية ، وبدأ عهــد جديد من الحيــــاة السياسية  والاجتماعية والاقتصادية والثقافيـــــة ، من أهم سمــــاته الحركة والتجدد والنشاط والمشاركة والحوار ، واسترجع الإنسان العراقي كرامته بعد أن غيبت عشرات السنين إبان النظام السابق ، وأدرك الجميع الأخطار المحيطة بهم، وأنها تعصف بالمجتمع العراقي كله بكافة أطيافه ومكوناته ، لاتفرق بين العربي والكردي والتركماني ، ولابين المسلم والمسيحي ، ولابين سني أو شيعي ، وكما يقول المثل العربي القديـم:( رب ضارة نافعة ) فقد دفعت هذه التحديات الجديـــــدة المواطنين العراقيين إلى التآلف للدفـــــاع عن الشرف والكرامة وتقديم التضحيات ، ونبذ الفرقة والخصام .

      إن الهاجس الأول الذي يؤرق العراقييـــن بعـــد عــــام التغيير 2003 هو إعادة بناء الوطن ، وبنـــــاء الإنسان العراقي ليتـلاءم مع العهد الجديد ، بعـــد أعوام من الخوف والقمع والعنف والاستبداد ، وأيقن المواطنون أن إعادة البنـــاء مهمة صعبة ، تحتــاج إلى الصبر والتضحيات ، كمــــا أدرك المسؤولون الذين تعاقبــوا على السلطة خطورة هذه المرحلة، وأنه من الحكمة إعـادة الدفء إلى العلاقات الدولية بين العراق وجيرانه من الدول العربيــة والإسلامية ، وزيادة التبادل التجاري والاقتصادي والسياحي ، وأن ذلك سيعزز الاقتصاد ويحسن المعيشة ، ويرفع من القدرة الشرائية للمواطن، ويحسن الخدمات . ونشير إلى مسألة هامــة نعتبرها أساسية في عملية التنمية والبناء وإعادة الإعمار ، وتتمثل في عودة الكفاءات العلمية ، والاستعانة بخبرتهم وتجاربهم في ترقية المؤسسسات الوطنية والقانونيـــــة والإدارية ، ومن هـــــذا الكل المركب اكتسب العراق حصانة وقوة ووقف في وجه الإرهاب الأعمى، وقوى الشر والظلام التي تسعى إلى إثارة الفتنة،وعرقلة المسار الديمقراطي، وأثبت العراقيون الأحرار أنهم في مستوى التحديات،وتكاتف الجميع تحت خيمة الوطن ، وحميمية الانتمـــاء إلى المجتمع العراقي المجيد . ولازال العراقيون الأحرار يقدمون المثل الطيب في الوحـدة الوطنية والتلاحم وتقديــــم التضحيات ، من أجل عــــزة الوطن والدفاع عن القيم الإنسانيــــــة النبيلة ، فإليكم أيهــــــا الأبطال الشجعان في الحشــــد الشعبي ، والجيش العراقي الباســـل ، وقوات الشرطة وكل المواطنين الشرفاء المدافعين عن الشرف والكرامة أقدم هذه الأبيات اعتزازاً بكم ، وتقديراً للبطولات والانتصارات :

      لكَ منا تحيــــة وســــــلامُ          ودعــــــــاء وعزة ووئـــــام

     أيها الحشد ياأسود البوادي          هاهو النصر ضاحك بسّام

    أنتمُ للعراق شمس أضاءت     رافديه فانزاح عنــــه الظلام

    قد سلكتم درب الفداء فلما     أشرق الصبح غابت الأوهام

    وهتفتم من القلوب سنحيا     أمة لايسود فيها الخصــــــام

 

                                                 د . رزاق محمود الحكيم

 

محرر الموقع : 2015 - 04 - 27