عراقية تتعلم الكورية والصينية واليابانية بدون معلم
    


تقع عيننا الثالثة اليوم على بغداد وبابل والنجف. ففي بغداد سنلتقي فتاة تمتلك موهبة تعلم اللغات وتتحدث حاليا الكورية والصينية واليابانية. أما في الحلة فسنتعرف على فتاة صغيرة السن تمتلك موهبة الرسم وقد افتتحت معرضها الشخصي الأول مؤخرا. وفي النجف ستقع عيننا على أسرة تعيش داخل مقبرة بعد أن تقطعت بها سبل العيش.

سحر ثامر تتعلم الكورية والصينية واليابانية بدون معلم

في بغداد نلتقي سحر ثامر ونحاورها عن موهبة تعلم اللغات بكل سهولة،إذ تتحدث حاليا بالكورية واليابانية والصينية، وتطمح الى السفر إلى هذه البلدان لتتبحر في لغاتها. عماد جاسم في بغداد التقى سحر وحاورها ليطلعنا على قصة موهبتها وأحلامها:

((رغم أن عمر سحر ثامر لا يتعدى الأربعة عشر عاما إلا أنها تعلمت كما تقول لغات آسيوية صعبة هي الكورية والصينية واليابانية قراءة وكتابة ونطقا.
تقول سحر إنها بدأت تعلم هذه اللغات عندما كانت في الثامنة ودون مساعدة أي شخص بل من خلال متابعة القنوات الفضائية لتلك البلدان والتواصل مع برامجها يوميا بلا كلل وملل.

طبعا هذه القدرة العجيبة جعلت من سحر مدار حديث المنطقة والأقرباء والأصدقاء لقدراتها الفائقة في تعلم لغات غريبة وقليلة التداول. فعندما تلتقيها تبادرك بالتحية بالكورية وبالحديث بالصينية وبالمداعبات اليابانية ويتعدى ذلك إلى قراءة قصائد وتكرار مقاطع غنائية لأشهر الفرق الكورية.

سحر نجحت من الصف الثاني إلى الثالث المتوسط وهي تحاول الآن كتابة قصائد باللغات الثلاث وأخذت تفتش وتبحث في تاريخ شعوب كوريا والصين واليابان لتتعرف على طبائع مجتمعاتها، واهم الديانات التي يعتنقوها، وطريقة عيشهم وزواجهم وتفاصيل دقيقة عن حياتهم اليومية.

هذا الهوس مكن الفتاة سحر من أن تكون النموذج المحبوب والمميز في المدرسة. وأصبحت حديث الصديقات وأسست مجموعة تعشق تلك اللغات وتدمن مشاهدة برامج القناة الفضائية الكورية.

وكثيرا ما تبدأ سحر وصديقاتها بترديد الأناشيد الوطنية والأغاني التراثية الكورية أمام حشد من المعجبين والمعجبات، الذين يتجمعون بالقرب من هذه الفتاة الظاهرة التي يعتبروها غريبة وملفتة للانتباه والإعجاب.

تقول سحر إنها تتمنى أن تزور كوريا لتتعرف أكثر على حياة الناس هناك، ولتكمل دراستها الجامعية في سيئول عاصمة كوريا الجنوبية، مضيفة أنها تعشق تعلم اللغات الصعبة وأنها تمرن نفسها أكثر من خمس ساعات يوميا على الكتابة والنطق الصحيح ولها رغبة أن تتمكن من تعلم سبع لغات قبل أن تنهي الدراسة الإعدادية.

وتتمنى سحر أن تتبنى الدولة مشروعا لإقامة علاقات علمية وتجارية مع كوريا على وجه الخصوص لتكون هي وصديقاتها مترجمات معتمدات. وتنظر الى المستقبل بتفاؤل وتحلم أن تعيش في كوريا لفترة لتنقل ثقافتها إلى العراق الذي يسعى لأن يكون بنفس نشاطها التجاري والاقتصادي)).


المعرض الشخصي الاول لرسامة في التاسعة

وننتقل إلى الحلة حيث أقامت فتاة في التاسعة من عمرها اسمها ريا نزار معرضا شخصيا لرسوماتها. وكشفت ريا عن موهبة تأمل أن تكون في احد الأيام فنانة يشار إليها بالبنان. علاء رزاق في الحلة يروي قصة ريا:

((أقامت الطفلة ريا نزار ذات التسع سنوات معرضها الشخصي الأول على قاعة النشاط المدرسي في الحلة لتكون أول طفلة بابلية تقيم معرضا شخصيا. وتقول ريا ان فرحتها كبيرة بالمعرض الذي ضم ثلاثين لوحة زيتية تناولت الطبيعة بمفرداتها: الأنهار والفراشات والحشائش والأزهار، فضلا عن الفلاح، ورمضان، وغير ذلك من الموضوعات.

الرسامة ريا نزار



ريا نزار تطمح الى ان تكون فنانة معروفة وبارزة في المستقبل. والدتها الشاعرة وداد الواسطي قالت إنها اكتشفت أن لدى ابنتها موهبة الرسم في وقت مبكر فوفرت لها الألوان والقماش والمستلزمات الأخرى. وأوضحت الوالدة أن ريا هي التي تختار موضوعاتها بنفسها دون تدخل أحد، وكانت ترسم لوحاتها بمعدل لوحة واحدة كل أسبوع استعدادا لهذا المعرض. 

وبحسب الفنان غالب العميدي مدير النشاط المدرسي فان ريا تمتلك موهبة استثنائية في مجال الرسم. وأكد أن مديريته جادة في احتضان هذه الموهبة ولاحظ أن عناصر لوحاتها متكاملة خاصة وأنها ترسم بالزيت)).



مقبرة السلام في النجف مثوى للاموات ومأوى للاحياء

وننتقل الى النجف حيث تقع عيننا على أسرة أبو أمير التي تعيش داخل مقبرة دار السلام. ولا أحد يعرف كيف يمكن لأسرة أن تربي أبناءها بطريقة صحيحة دون وجود سكن ملائم وكريم. أيسر الياسري في النجف يوافينا بالتفاصيل.


((تلجأ بعض الأسر الفقيرة جدا إلى السكن في المقابر كما هو حال أسرة أبو أمير التي انتقلت قبل سنتين للعيش في مقبرة وادي السلام، حيث اتخذت إحدى المقابر مأوى لها بعد أن ضاقت بها سبل العيش واشتد عوزها.

تتكون أسرة أبو أمير من خمسة أفراد، ويقوم الأب واثنين من أبنائه بتوفير القوت اليومي من خلال بيع ماء الورد، أو عيدان البخور على ذوي الموتى، أو برش الماء على القبور أحيانا.

مقبرة السلام في النجف



أمير وهو الابن الأكبر للعائلة، وعمره عشر سنوات يقول إن العمل والعيش في مقبرة يبث الرعب في قلبه خاصة في الليل عندما يسمع أحيانا أصواتا غريبة. أما والدة أمير فقالت إنها تعرف وتفهم ما يعانيه الأطفال، لكن الأمر خارج عن يد الأسرة كلها. وشكت من عدم اهتمام السلطات والمسؤولين بأسرتها وبأولادها رغم الوعود الكثيرة التي سمعوها. 

مسؤولون حكوميون قالوا إنهم يسعون عبر مشاريع متواضعة الى إنتشال مثل هذه العوائل من واقعها المرير. وقالت عضوة مجلس محافظة النجف، ورئيسة لجنة حقوق الإنسان نوال عبد الرضا إن هناك مشروعا أطلقه مجلس المحافظة لتوزيع قطع أراض على الأسر المحتاجة دون مقابل، وتقع هذه القطع في مناطق غير مستغلة غرب المدينة.

ومن المعروف أن مقبرة وادي السلام في النجف تضم عددا غير قليل من القبور المشيدة التي تحتوي على مرافق تجعلها صالحة للسكن، وتعود مثل هذه المقابر الى أسر ميسورة الحال)).


محرر الموقع : 2013 - 04 - 15