الوهابية في خطر وأمريكا لا تمتلك السلاح لحمايتها6/3!!!
    

 محمد ضياء عيسى العقابي

مشاكل السعودية:

ثانياً: الديمقراطية وحقوق الإنسان:

أما القضية الثانية فهي مطالبة الشعب السعودي وشعوب دول الخليج بالديمقراطية واحترام حقوق الانسان.

لستُ بحاجة الى عناء للتدليل على أن النظام السعودي من جهة والديمقراطية وحقوق الانسان من جهة أخرى يقفان على طرفي نقيض.

كان النظام السعودي في هذا المجال يشكل عبئاً ثقيلاً على الدول الغربية على طول الخط حيث كانت منظمات المجتمع المدني الأمريكية والأوربية وعلى رأسها منظمات حقوق الانسان والأكاديميون ورجال العلم والأدب والفن والأحزاب اليسارية والشيوعية والاشتراكية والديمقراطية والليبرالية يلاحقون حكوماتهم لتوجيه الضغط الشديد على ذلك النظام وتعنيفه والمطالبة بمحاسبته وعقابه بسبب سجله الاستبدادي الشمولي وانتهاكاته الصارخة لحقوق الانسان.

وقد إمتدت شرور النظام السعودي الى خارج حدوده وحدود المنطقة العربية والمنطقة عموماً وبلغ أقصى المديات. لما حجب الكونغرس الأمريكي التمويل عن حكومة الرئيس رونالد ريغان اليمينية المتطرفة لدعم عصابات الكونترا التي شكلتها وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية لمواجهة حكومة الثورة النيكاراغوية (السندنيستا)، هبت السعودية لنجدة ريغان مالياً. كما لعب المال السعودي لعبته بالتعاون مع النظام البعثي الطغموي(1) في العراق، لتخريب علاقة حكومة محمد سياد بري الصومالية مع الاتحاد السوفييتي وكوبا الاشتراكية حتى أطاحوا ببري وتركوا الصومال في فوضى عارمة وظروف مأساوية حتى يومنا هذا.

 

كانت الحكومات الغربية، الممثلة للمصالح الرأسمالية التي بلغت حد التوحش (حسب المصطلح الذي أطلقه بابا الفاتيكان الحالي) - تختلق الأعذار خاصة ايام الحرب الباردة بذريعة الحاجة للنفط السعودي وللدور السعودي المخرب في منظمة أوبك وفي مكافحة الحركات الوطنية والتقدمية والشيوعية، لذا كانت تتستر على شمولية النظام السعودي وإستبداده وإجرامه حتى استنزفته دون أن تلتفت الى ضرورة تطويره؛ ربما بسبب خوف الغرب من احتمال أن تجرف النظامَ الموجةُ العارمة لحركات التحرر الوطني ومنها حركة التحرر الوطني العربية خاصة وأن النظام السعودي أقرب الى الجثة الخشبية الهامدة التي يصعب تحريكها لفقدانها المرونة.

حتى في مؤتمر كامب ديفيد الأخير إنهالت رسائل المطالبات على الرئيس أوباما بضرورة الضغط على النظام السعودي لاحترام الديمقراطية وحقوق الانسان. لكن هذا الموضوع، الديمقراطية وحقوق الانسان، لم يُذكر في البيان الختامي للمؤتمر كما لاحظ المراقبون السياسيون وذلك على غير العادة. ولي تفسير لهذا الأمر إذ أنه يستبطن أموراً خطيرة ليست لصالح النظام السعودي كما قد يبدو، وسأعود اليه لاحقاً.

من جانب آخر إنتشرت الأفكار الديمقراطية بين شريحة واسعة من الشباب السعودي رغم القمع العنيف. وقد لعب سقوط النظام البعثي الطغموي في العراق وتأسيس نظام ديمقراطي، كما لعبت انتفاضات الربيع العربي، وخاصة في البحرين واليمن، ولعب الدور التدميري للسعودية وقطر وتركيا في سوريا وليبيا ومصر – كلها لعبت دورها في تأجيج الشعور ضد الاستبداد والشمولية والتخلف في السعودية بغض النظر عن  نجاح هذه الانتفاضات أو فشلها أو تشويهها على يد الحكام السعوديين أنفسهم كي يوفروا لأنفسهم  مادة دعائية للتحذير وتخويف الناس مما تسببه "الديمقراطية" من إقتتال وفوضى وسفك دماء.

قبل وفات الملك عبد الله فسخت الحكومة السويدية عقد شراكة مع الحكومة السعودية للتعاون في مجال تطوير ثقافة احترام حقوق الانسان، وذلك بعد أن أقدمت السعودية على قمع شباب عبروا عن آرائهم في وسائل التواصل الاجتماعي، وبعد ما اتضح من تعنت السلطات السعودية في مجال منع المرأة من قيادة السيارة وغير ذلك من الأمور.

يأبى هذا النظام المتخلف إلا أن يواصل تخلفه. بعد موت الملك عبد الله ومجئ الملك سلمان، صعد الى سدة المناصب العليا شباب كان الناس يتوسمون فيهم الانفتاح والتقدم وإذا بهم يكشفون عن انفسهم كصبيان طائشين تغرهم مظاهر القوة لا جوهرها. وإذا بهم يرسلون أحدث الطائرات الامريكية الفتاكة التي إمتنعت امريكا من تجهيزها الى العراق "رأفةً" بداعش ولكنها دربت السعوديين على استخدامها في اليمن لتقتل النساء والاطفال والشيوخ وضرب أماكن "استراتيجية عسكرية" أخرى شخصها الرصد الأمريكي كقبر الشيخ حسين الحوثي الذي ضُرب ب(14) صاروخاً ومسجد الامام الهادي التأريخي وقلعة القاهرة الأثرية!!!

نشرت منظمة (الهيومان رايتس ووج) تقريراً غاضباً بعد صعود الملك الجديد سلمان إذ سارت الامور بعكس ما يتوقعه الجميع من أية حكومة جديدة في عصر العولمة هذا، بوجوب تعديل خط السير الخاطئ فيما يتعلق بالديمقراطية وحقوق الانسان، بالأقل، إذا تغاضينا عن العدالة الاجتماعية والحكم الرشيد. وإذا بالمنظمة المذكورة تشهد موجة من الإعدامات والقمع ترافقت مع مجئ ملك السعودية الجديد.  

أعتقد أن الشعب السعودي كما هو حال الشعوب الأخرى أوعى من أن تنطلي عليه ألاعيب أو قمع حكام السعودية وقطر وتركيا لحمله على صرف النظر عن مطلبه في الديمقراطية واحترام حقوق الانسان.

حتى الذريعة التي يطرحها وعاظ سلاطين النظام السعودي الوهابي الرامية الى خلق تضادد بين الديمقراطية المعاصرة والدين الاسلامي، ما عادت نافعة وغير مقنعة للجماهير ولطيف واسع من علماء الدين الذين اعتبروا ان الديمقراطية وصناديق الاقتراع تنسجمان ومبدأ الشورى الوارد في تعاليم القرآن بل هي ترجمة جيدة لذلك المبدأ.

أعتقد أن استعانة النظام السعودي الوهابي بسلاح الطائفية هو سلاح ذو حدين لا حد واحد كما يتخيل العقل الوهابي. يركز ذلك العقل كل اهتمامه وتقييماته على الغنى المادي وقدرته على شراء الذمم لصالح أصحاب ذلك النظام والمذهب وهو غنى كسول منهوب من نفط الجماهير. ولكن، غفل أولئك الحكام أن إشهار هذا السلاح الطائفي سيدفع، بغير وعي، الناس العاديين مؤيدين ومعارضين الى الرجوع الى الأصول ومحاولة تفحص جذور المسألة. وهنا أعتقد سيكتشف الناس شَبَهَ البارحة باليوم من حيث الاحتدام الطبقي الذي يقف متستراً بلباس الدين والمذهبية إلا أنه في الأصل يعود الى ثورة الاسلام التي انتصرت للفقراء على أثرياء قريش المالكين للمال والعبيد واستمر الاحتدام الى يومنا هذا حتى تحالف أصحاب العبيد والمال مع الامبريالية العالمية والصهيونية لتبادل المصالح معهما، على حساب الشعوب، وذلك للحفاظ على عروشهم ... عروش السلاطين.

وتقف القضية الفلسطينية والمؤامرة على الدولة والجيش السوري واحتلال بحرين الثورة السلمية والحرب على الثورة اليمنية وتمويل الارهاب في العراق لإعاقة وتدمير ديمقراطيته – تقف شواهد لتدق نواقيس الخطر وتفتح العيون المغمضة والعقول المغلقة وتستنهض ضمائر المستثقفين.

وهنا قد يحصل طلاق الجماهير للمذهب الوهابي المنحرف ونظامه السعودي المتوحش.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1): للإطلاع على “مفاتيح فهم وترقية الوضع العراقي” بمفرداته: “النظم الطغموية حكمتْ العراق منذ تأسيسه” و “الطائفية” و “الوطنية” راجع أحد الروابط التالية رجاءً:

http://www.qanon302.net/news/news.php?action=view&id=14181http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=298995

محرر الموقع : 2015 - 05 - 27