بالصورة :: داعش تشغل منفذ الرطبة وتستخدم المكاتب الحكومية لتسيير الأمور الروتينية
    
يحاول السائق السوري حارث أبو زيد، الوصول إلى تسوية مع الشركة التي تعاقد معها لنقل بضائعها من لبنان. وتقضي التسوية بتعويضه مبلغا قدره 50 دولاراً دفعه لتنظيم داعش الذي يسيطر على قاطع الرطبة في ما بات يعرف بـ"ولاية الأنبار"، كرسم اجتيازه معبر الوليد باتجاه الأراضي العراقية.

مفردة "دولة الخلافة" لا يستغني عنها أبو زيد أثناء التحدث عن ظروف الطريق من لبنان إلى سوريا ومن الأنبار إلى كربلاء.
ورغم محاولاتي المتكررة لطمأنته بأن خطر مسلحي داعش لا يمكن ان يهدده وهو في بغداد، إلا ان السائق السوري لا يحسب، في قرارة نفسه ، سوى الحذر من كل شيء، فيصف دخوله المتكرر إلى العراق بـ "المغامرة"، وهو يخشى بطريقة مزدوجة القتل على يد متطرفي السنة أو الشيعة.
ويتحدث أبو زيد عن الصدفة التي أنقذته من القتل على يد انصار البغدادي لأصوله الدرزية، ويخشى من عدم تكرار هذه الصدفة وهو يواصل عمله بين لبنان وسوريا والعراق.
أبو زيد بات مقتنعا من انه لن يحصل على الـ 50 دولارا من الشركة العراقية المستوردة للورق الطباعي، عوضا عن الجباية التي دفعها لـ "دولة الخلافة" في الأنبار كسمة لدخوله أراضيها.
واضطر، السائق وهو يجادل مدير حسابات الشركة، إلى كشف وصولات "الجزية"، لتأكيد دفعه هذا المبلغ لإدارة المنفذ الذي يسيطر عليه مسلحو "الدولة الإسلامية".
ويقول أبو زيد إن "دولة الخلافة تتعامل معهم بطرق أشبه ما تكون رسمية، فهي تحمل معها أجهزة حاسوب، وكاميرات متقدمة تقنيا، تصور وجوه السائقين وترفق معلومات الشاحنات في ملفات إلكترونية، بينما تستنسخ الجوازات وتدقق بنوع البضاعة ورقم السيارة واسم التجار المصدرين والموردين". 
وتحدث عن اضطراره للتحايل على المسلحين في الرطبة، حينما أشار إلى ان حمولته هي عبارة عن بضاعة لتاجر عراقي يدير مطابع في منطقة العامرية غرب العاصمة بغداد. 
ويردف "لو قلت إنها لشركة يديرها أشخاص يتبعون الطائفة الشيعية لذبحوني وصلبوني على الطريق السريع، بشكل يماثل ما حصل لزملائي الذين اعدموا بتهم تتعلق بالتبادل التجاري مع شركات يديرها رجال أعمال شيعة".
ويشكو أبو زيد مصاعب التنقل داخل الأراضي السورية وخارجها، مبينا ً"أتعمد تغيير انتمائي الطائفي والسياسي في المناطق التي امر عبرها. فمرة مع الجيش السوري وأخرى أكون مناصرا للجيش الحر واحيانا مع جبهة النصرة"، ويضيف "أنا ضد الجميع حينما أجتاز الحدود مع العراق، وأتحول إلى علوي من انصار الأسد حينما أكون في كربلاء وبغداد والبصرة".. ويؤكد "نريد العَيش وبس". والرطبة تقع على الحدود العراقية السورية غربي محافظة الأنبار العراقية معظم سكانها من بدو "عنزة الدغيم".
وتعتبر الرطبة بلدة ستراتجية، ويتبعها من الناحية الإدارية كل من ناحيتي النخيب والوليد، وتحدها ثلاث دول هي المملكة السعودية والمملكة الأردنية والجمهورية السورية حسب ما دون على موقع "ويكيبيديا".
وكانت مصادر رسمية قد كشفت في حزيران الماضي أن مقاتلي "داعش" استولوا على نحو 500 مليار دينار عراقي من بنوك مدينة الموصل، فضلا عما جَنوه من مصادر أخرى بما يمكّن الجماعة من إدارة عملياتها العسكرية وتوفير معاشات لآلاف المقاتلين الوافدين من مختلف الدول، خصوصا وأن ما غنمته من أسلحة الجيش العراقي عند دخولها الموصل، خفّف من حاجتها للتسليح وشراء آليات وعجلات عسكرية.
يضاف إلى ذلك ما جنته وتجنيه من مبالغ ابتزاز وأتاوات، تتضمن قائمة ضحاياها رجالَ أعمال وشركاتٍ كبيرة وشركاتِ بناء وبعضَ رجال من الحكومة المحلية، وقد أشيع أنها تفرض ضرائب في المناطق الخاضعة لسيطرتها مثل محافظة الرقة في سوريا وعند المعابر، بحسب ما ذكره متخصصون في شأن الجماعات الإرهابية. 
وتمكن تنظيم (داعش) من فرض سيطرته على مدينة الموصل، مركز محافظة نينوى،(405 كم شمال العاصمة بغداد)، في (العاشر من حزيران 2014)، كما امتد نشاطه بعدها، إلى محافظات صلاح الدين وكركوك وديالى.
محرر الموقع : 2014 - 07 - 31