الكويت و العراق أين الخلل ؟
    

 بقلم علي الموسوي / هولندا

اتسمت الصحافة الكويتية منذ تأسيسها بالكثير من المهنية وحرية الرأي والتعبير وقد جائت الكويت في المراتب الأولى في حرية الاعلام  والصحافة على مدى 35 عام من بين الدول العربية وعلى حساب دول كبيرة لها دساتير وتاريخ قديم جدا !!!

لقد كان للتفجير الارهابي الأخير في أحد المساجد الشيعة وقعا كبيرا على أهل الكويت سنة وشيعة وبرز الاعلام الكويتي كلاعب مهم وترك بصماته ولمساته الاحترافية  في الشارع الكويتي وارجاع الجميع الى سكة المواطنة الصحيحة ! وعدم السماح للتفرد بالخطاب الطائفي من أي جهة كانت !!! وكان تواجد أمير البلاد ورئيس الوزراء وأعضاء البرلمان والوزراء في مكان الجريمة له الأثر الكبير في نفوس الشيعة ! وللمعلومة فان المواطنين الشيعة في الكويت يشكلون نسبة 37 % من العدد الاجمالي في البلاد وهم يتصدرون النخب السياسية والاقتصادية والفنية !! ولديهم ثقل كبير في المجتمع الكويتي واما أمير الكويت والعائلة الاميرية فيعتبرون أنفسهم مدينون لشيعة الكويت !! لانهم الوحيدون الذين وقفوا ودافعوا عن الكويت ابان الغزو الصدامي للكويت ورفضوا مغاردرتها وتحولت بيوت الشيعة ملاجئ لجميع المواطنين ومراكز للمقاومة !! في الوقت الذي سافر معظم الكويتين في رحلات استجمام مدفوعة الثمن من قبل أمير الكويت الى كافة دول العالم وقد خصص لهم  مبلغ 1500 دينار كويتي ( 5500 دولار) لكل عائلة كويتية ترغب بالسفر خارج الكويت في ايام دخول صدام للكويت وذلك للحفاظ على حياتهم وقد تم صرف هذه المبالغ عن طريق السفارات الكويتية في الخارج حتى الانتهاء من حرب الخليج وعودة الكويت الى سابق عهدها وهذا!
  ما علمته حينها من عوائل كويتية وصلت الى هولندا !!

وبعد ان تعرفنا على دور الحاكم والمحكوم والعلاقة التاريخية الطيبة التي تربط بين أمير البلاد وشعبه ، عندها نستطيع تفسير امور وتسائلات كثيرة مطروحة في الشارع العراقي ولكنها للاسف تبقى هذه التسائلات دائما من دون اجابات مقنعة ، اما لقصور في المعلومة والرأي عند المتصدين للمشهد السياسي او تكابر وشمخرة لا مبرر لها ؟!

الاستنتاج العام :

1- الديمقراطيات الحقيقية : لا تأتي الا بوجود تاريخ من الممارسة والوعي والثقافة العالية والتدريجية في تلك المجتمعات !! وللاسف الشديد ان هذا الامر لا يتوفر حاليا في العراق وهو غير معتاد عليه خاصة بعد ان مر العراق بحكم استبدادي وشمولي دام لاكثر من 35 عام ! وعليه فان النظام البرلماني في العراق لا يصلح للمرحلة الحالية وقد أثبت فشله لوجود فجوات كبيرة جدا بين الحاكم والمحكوم !! ولهذا نفهم ان الدعوات الصادرة من أغلبية المكونات السياسية لم تأتي من فراغ وذلك بضرورة العودة بالقرارات المهمة الى المركزية ؟

2- ترهل الاعلام العراقي الرسمي والاهلي : ان غالبية المحطات الفضائية العراقية لا تتمتع بالمصداقية ولديها اعلام فاشل تنقصه الكثير من المهنية والدراسة ولا زال متأثرا بتراكمات الماضي والخطاب المنعزل والممجد لشخصيات دون أخرى !! ومازال يتصرف بعقلية الاعلام الحزبي والطائفي . وهو ابعد مايكون من السلطة الرابعة وقد تحولت الكثير من المحطات الى اشبه بحلبة صراعات ومساجلات وفضائح قد تكون صحيحة او خاطئة ولكنها أبعد ما يكون من المهنية الاعلامية وهي لا تضيف للمشاهد بل تزيده حنقا وطائفية وجهلا ، لان القائمين على هذه القنوات لهم امتدادات معروفة وممولين من أجهزة مخابرات دولية وحتى محطاتهم المشبوهة تدار من الخارج وهم بالأصل مجموعة من الجهلة اعتمدوا على شراء ذمم الفقراء بتقديم الجوائز والهدايا !!

3- الفجوة بين الحاكم والمحكوم : لم يشهد العراق علاقة ود طيبة ومتبادلة بين الحاكم والمحكوم   الا في العهد الملكي والزعيم عبد الكريم قاسم !!  وبالعودة لدراسة هذه الاسباب ، سنجد قرب هؤلاء الزعماء من شعوبهم ، وقد اتسمت حياة الزعيم قاسم بالكثير من البساطة والعطاء وما زال أهالي مدينة الثورة ( الصدر حاليا 3 ملايين نسمة ) يترحمون على الرجل وما زال ابناء العراق يتذكرون انجازاته وخططه التنموية التي سار عليها وطبق جزء كبير منها النظام الصدامي السابق !!

4- تفشي حالة الفقر والجريمة : لم يشهد العراق على مدى عشرات السنين انتشار الفقر والسرقة والجريمة بهذا الحجم الا بعد 2003 وفي رأيي ان السب الرئيسي  يكمن في سياسة الفوضى الخلاقة التي أوجدها المستعمر الامريكي في العراق ، ومما زاد الطين بلة هو تنصل المحتل الامريكي من مسؤولياته القانونية في العراق ومساهمتهه المباشرة في توريط المسؤولين العراقيين في قضايا فساد مالية واخلاقية كبيرة حتى يمكنه التأثير على قراراتهم والتحكم بشؤون العراق السياسية ولو من بعيد  !! وهذا ما كشفته ايضا وثائق ويكيليكس في حجم التأثير السعودي على شؤون العراق بواسطة مجموعة من العملاء المنتفخين بالمال الحرام على حساب شعب مسكين ظل يراهن على سياسيه بانتشاله من حالة الفقر والجريمة ولكنه اكتشف اليوم انهم السبب الرئيسي لما يحصل له من خراب وارهاب وتعطيل للخدمات والبناء وحتى أبسط مقومات العيش !!

حاولت أن أضع يدي على بعض مواطن الخلل خاصة بعد ان شاهدنا جميعا اعلام كويتي مميز استطاع أن يغطي التفجير الانتحاري الذي أودى بحياة 26 شهيدا  بكل مهنية ، وتم استثمار الحدث وتحويله من عزاء عمومي الى عرس وطني !!! بل وعملوا على لفت انتباه العالم وأشراكهم في احزان الكويتين ومصيبتهم وحصلوا على تعاطف واستنكار الشعوب والقنوات الفضائية والامين العام للامم المتحدة وغالبية زعماء دول العالم ؟ في الوقت الذي يستشهد فيه العشرات من العراقيين في الانفجارات وجبهات القتال ولا يمر يوم الا وتدخل فيه قوافل جثامين الشهداء في جميع المحافظات العراقية ولكن قادة البلد ومسؤوليه والاعلام العراقي غائب او مغيب وكأن الامر لا يعنيه ويبقى العالم بعيد عنا لاننا قاصرون عن ايصال رسائلنا ومظلوميتنا !!

 ياساسة العراق تمعنوا جيدا في حجم الكويت وحجم العراق ، عندها ستعرفون حجمكم و فشلكم المخجل ؟!

أرجو ان تكفوا عن المزايدات والوطنيات اللفظية الفارغة طالما كانت جيوب الناس خاوية ومساكنهم هاوية ولا أمن ولا أمان في هذا البلد !!

عليكم ان تعلموا ان الحاكم الكافر العادل خير من الحاكم المسلم الجائر وان السيل بلغ الزبى ...

محرر الموقع : 2015 - 06 - 29