احياء اليوم الثاني عشر من شهر رمضان السبت (متابعة آيات من سورة الواقعة)‎
    
د. فاضل حسن شريف
 
أقام مسجد الإمام الحسين عليه السلام بمدينة تورنتو الكندية جلسة قرآنية يقرأ كل حاضر آيات من الجزء الثالث عشر من القرآن الكريم بإشراف السيد عبد السلام الموسوي، فقراءة دعاء الافتتاح، ومحاضرة للشيخ حسن العامري، فأذان المغرب وصلاتها، ومأدبة الإفطار للمتبرع مؤسس المسجد الحاج عطا علي.

كان عنوان محاضرة الشيخ حسن العامري (متابعة آيات من سورة الواقعة) وقال ان الله سبحانه وتعالى يصف جنة السابقين "وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ" (الواقعة 10) حيث يوجد فيها من يطوف عليهم "يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ" (الواقعة 17) أصل يطوف من الطواف وله معاني عديدة منها الخدمة برقة وأدب، فخدمة الولدان في الجنة مستمرة لا تنقطع. بعض المفسرين اعتبر أن الولدان المخلدون يقصد ابناء البشر الذين يموتون وهم صغار السن إن كانوا أبناء لمؤمنين أو مشركين. أما الرأي الثاني الولدان هم أبناء المشركين لان أولاد المؤمنين يلتحقون بأبائهم. والرأي الثالث الولدان هم خلق مخصوصين لخدمة أهل الجنة وهو الرأي الراجح كما هو خلق الحور العين. وجواب لماذا ولدان مخلدون؟ لأنهم لم يبلغوا الحلم حتى يستطيعوا الدخول على الرجال والنساء وهم خالدون على هذه الحالة.

قوله عز وجل "بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِّن مَّعِينٍ" (الواقعة 18) الكوب هو الاناء الذي لا يحوي على عروة، بينما الابريق يكون أكبر وفيه عروة. و الكأس هو المملوء كاملا بالشراب. قوله عز وعلا "لَّا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلَا يُنزِفُونَ" (الواقعة 19) أي شراب هذه الكؤوس لا تسبب الصداع، و ينزفون أي لا يسكرون أو لا ينفد شرابهم. قوله جل جلاله "وَفَاكِهَةٍ مِّمَّا يَتَخَيَّرُونَ" (الواقعة 20) المعروف أن مكة والجزيرة العربية لا تزرع عادة فيها الفاكهة "رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ" (ابراهيم 37) وربما تأتي من الشام خلال الرحلات التجارية. ومعنى الفاكهة هنا السرور بوجود الفاكهة الجيدة حسب الاختيار وكما روي عن الامام الصادق عليه السلام أن فاكهة الجنة تختلف عن فاكهة الدنيا. وجاء في الحديث عن الجنة: فيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر. ويقال أن ألوان فواكه الجنة هي نفس ألوانها في الدنيا كون الانسان ينجذب للفاكهة حسب لونها.

و القرآن الكريم أهتم بوصف الجنة وتفاصيلها خاصة في سور الواقعة والرحمن والكهف كون الإنسان يريد مقابل لعباداته من صلاة وصوم وحج وصدقة وغيرها لأن الله تعالى يعلم بطبيعة البشر يريد مقابل لكل عمل، فالجنة مقابل العبادة المقبولة. وهنالك من الناس يريد من عباده وجه الله ورضاه مثل عبادة أهل البيت عليهم السلام " إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا" (الانسان 9) لانهم يمثلون الصالحين كما جاء في الدعاء (أَللّهُمَّ بِرَحْمَتِكَ فِي ٱلصَّالِحِينَ فَأَدْخِلْنَا) ليكون الذي يدعو معهم في درجة العليين في الجنة (وَفِي عِلِّيِّينَ فَٱرْفَعْنَا) حيث الجنة فيها درجات ومنها درجة العليين، واعلى العليين هم محمد وآل محمد عليهم السلام، وقد جاء في الحديث الشريف عن الحسن والحسين عليهما السلام (من أحبني وأحب هذين وأباهما وأمهما كان معي في درجتي في الجنة يوم القيامة). وكما جاء في دعاء الندبة (من أحبني وأحب هذين وأباهما وأمهما كان معي في درجتي في الجنة يوم القيامة)، و (وشيعتك على منابر من نور، مبيضة وجوههم حولي في الجنة وهم جيراني).

قوله عز من قائل "وَلَحْمِ طَيْرٍ مِّمَّا يَشْتَهُونَ" (الواقعة 21) حيث الله سبحانه قدم الفاكهة على اللحم ، والآن العلم أثبت أن من الأفضل أكل الفاكهة قبل اللحم لسهولة وسرعة هضم وامتصاص المغذيات في الفاكهة، اي الفاكهة قبل وجبة الطعام المهمة التي فيها اللحم. و يختارون أو يشتهون اللحم حسب مصدر نوع الطائر أو حسب طبخه شواءا أو سلقا. واختيار لحم الطير عن بقية اللحوم كونه أرقى أنواع اللحوم "وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ" (الزخرف 71).
 
 
محرر الموقع : 2024 - 03 - 25